والوجه في تقريره ، أنّه لو كان كما قلتم ، لزم ثبوت الصلاة بمجرّد الطهور ، وحصول النكاح بمجرّد حصول الوليّ ، مع أنّ حصول الصلاة والنكاح يتوقّف على أمور شتّى.
وجوابه : أنّه لمّا لم يجز استثناء الطهور عن الصلاة للمخالفة ، فلا بدّ من تقدير ، إمّا في جانب المستثنى ، يعني لا صلاة صحيحة إلّا صلاة متلبّسة بطهور ، أو المستثنى منه يعني لا صلاة صحيحة بوجه من الوجوه إلّا باقترانها بالطهور. والمطلوب نفي إمكان الصحّة بدون الطّهور ، والاستثناء يقتضي إمكان الصحّة معه ، كما هو مقتضى الشرطيّة ، وحينئذ ، فالحصر بالنسبة الى أحوال عدم الطهور ، وإن جامع جميع الكمالات المتصوّرة للصلاة لا الى سائر شروط الصّحّة حتى يلزم انحصار جهة الصّحّة في الطهور ، فيصير سببا للصحّة ، ويلزم المحذور.
وقد يوجّه بإرادة المبالغة في المدخليّة والحصر الادّعائي ، وما ذكرناه أوجه.
وبالجملة ، فهذا النّوع من التركيب ظاهر فيما ذكرناه (١) ، وهو عين ما جعلناه حقيقة في الاستثناء.
سلّمنا عدم الظهور ، لكنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، والمجاز خير من الاشتراك وقد أثبتنا الحقيقة فيما ادّعيناه بالتبادر ، فلا يضرّ الاستعمال في غيره. ومن ذلك يظهر (٢) الجواب عمّا استدلّ بعضهم (٣) بقوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً)(٤) ، فإنّه استثناء منقطع ، أو المراد إخبار عن حال
__________________
(١) من كون الاستثناء من النفي اثباتا.
(٢) بأنّ الاستعمال أعم من الحقيقة.
(٣) بعض الحنفيّة.
(٤) النساء : ٩٢.