ولا يخفى ضعف هذا الاعتراض ، فإنّ التخيير طريق في العمل للجاهل بالحكم ، لا قول في المسألة يوجب طرح كلّ واحد من القولين كالتخيير في العمل بالخبرين المتعارضين.
وحكم كلّ واحد منهما (١) ببطلان القول الآخر ، وعدم صحّته في نفس الأمر ، لا ينافي تجويزه العمل به للجاهل ، كما أنّه لا يجوز للمجتهد منع مقلّد مجتهد آخر عن تقليده وإن علم خطأه في المسألة ، بل له أن يجوّز تقليده إذا كان أهلا للاجتهاد ، ويرخّصه فيه ، فإنّ الترخيص في التقليد غير إمضاء نفس الحكم وإظهار الرضا به بالخصوص.
ثمّ إن فرض اتّفاق الفريقين بعد الاختلاف على أحد القولين ، فقال الشيخ بجواز ذلك على القول بالرّجوع بمقتضى العقل ، وإسقاط القولين لانعقاد الإجماع حينئذ على ما أجمعوا عليه.
وأمّا على مختاره من التخيير ، فمنعه ، لأنّه يوجب بطلان القول الآخر ، والمفروض كان التخيير بينهما ، وهو ينافي البطلان ، وهو ضعيف ، لأنّ التخيير إنّما كان في العمل لجهالة قول الإمام بخصوصه ، وبعد انعقاد الإجماع يتعيّن قول الامام ويظهر بطلان القول الآخر.
ولا منافاة بين عدم ظهور البطلان وجواز العمل به في وقت ، وظهور البطلان وعدم جواز العمل به في وقت آخر. ولا يجوز تعاكس الفريقين (٢) عند أصحابنا ،
__________________
(١) أي الفريقين.
(٢) قال في «المنية» كما عن الحاشية : هل يجوز تعاكس الطائفتين اللّتين انقسم جميع المؤمنين إليهما في القول في المسألة الواحدة بأن يقول الأولى منهما بقول الثانية ، ـ