ثمّ إنّ الإشكال في الإجماعات المنقولة بسبب وجود المخالف وتعارضها حتّى من مدّعيها كما مرّ الإشارة إليه ، قد ظهر لك الجواب عنه.
ونقول هنا أيضا (١) : إنّ وجود المخالف غير مضرّ في تحقّق الإجماع كما عرفت ، ووقوع الخطأ من المدّعي أيضا في استنباطه أيضا لا ننكره ، وكم من هذا القبيل في أخبار الآحاد ، مع أنّا نقول بحجّيتها ، فكذلك التعارض والاختلاف. فكما يمكن حصول الاختلاف في الأخبار من جهة الغفلة والنسيان وسوء الفهم والنقل بالمعنى وغير ذلك ، وهو لا يقدح في حجّية ماهية خبر الواحد ، فكذلك ما نحن فيه ، فإنّ مبنى الاطّلاع على الإجماع غالبا ، على الحدس وهو ممّا يجري فيه الخطأ ، والخطأ في القطعيّات (٢) في غاية الكثرة ، ألا ترى أنّ بعض أرباب المعقول يدّعي أنّ الجسم بعد الانفصال هو هو بالبديهة ، والآخر يدّعي أنّه غيره بالبديهة ، فتعارض الإجماعات ، ومخالفتها مبتن على ذلك.
ألا ترى أنّ السيّد رحمهالله ادّعى الإجماع على عدم حجّية خبر الواحد ، وادّعى الشيخ الإجماع على خلافه (٣).
__________________
ـ تتبع تضاعيف الأحكام الشرعية والأحاديث اعتبار هذا الظنّ ، فلاحظ وتأمل ، وإن شئت أشير الى موضع واحد منها وهو ما يدلّ على حليّة ما يباع في أسواق المسلمين وإن أخذ من يد رجل مجهول الاسلام. فروى إسحاق بن عمّار في الموثّق عن العبد الصالح عليهالسلام أنّه قال : لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني وفيما صنع في أرض الاسلام. قلت : فإن كان فيها غير أهل الاسلام؟ قال : إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس. انتهى. «الوسائل» باب ٥٥ من أبواب لباس المصلّي حديث ٣ ـ [٥٧٠٨].
(١) تأكيد لما ظهر سابقا.
(٢) فكيف وبالحدسيات أو انّ الحدسيات أيضا قطعيات.
(٣) إنّ أخبار الآحاد المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام وافقوا عليها عندنا كأبي جعفر الطوسي ـ