وقال ابن الأثير في «نهايته» في الحديث : «نزل القرآن على سبعة أحرف كلّها كاف شاف» ، أراد بالحرف اللّغة ، يعني على سبع لغات من لغات العرب ، أي انّها متفرّقة (١) في القرآن ، فبعضه بلغة قريش ، وبعضه بلغة هذيل ، وبعضه بلغة هوازن ، وبعضه بلغة يمن (٢) ، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه ، على أنّه قد جاء في القرآن ما قرئ بسبعة ، وعشرة ، كقوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ،)(٣)(وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ.)(٤)
وممّا يبيّن ذلك قول ابن مسعود : إنّي قد سمعت القرّاء (٥) فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علّمتم إنّما هو كقول أحدكم : هلم وتعال وأقبل. وفيه أقوال غير ذلك هذا أحسنها (٦). انتهى كلامه ، وعن «القاموس» مثل ذلك. مع أنّ الكليني روى في الحسن كالصحيح عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ الناس يقولون أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف. فقال : «كذبوا أعداء الله ، ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد» (٧).
والظاهر أنّه عليهالسلام كذّبهم لأجل فهمهم من النزول على سبعة أحرف النزول على القراءات السّبع كما هو الظاهر من قوله عليهالسلام : «نزل على حرف واحد من عند
__________________
(١) في الأصل : مفرّقة.
(٢) في الأصل : اليمن.
(٣) الفاتحة : ٤.
(٤) المائدة : ٦٠. فحمزة قرأها (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) وأما الباقون (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ،) بل نقل عن ابن جني في «المحتسب» ١ / ١٤ ـ ٢١٥ انّ لها عشر قراءات. ونقل عن ابن خالويه تسع عشرة قراءة لتلك الآية في كتابه «المختصر لشواذ القرآن» ص ٣٣.
(٥) في الأصل : القراءة.
(٦) النهاية في غريب الحديث والأثر : ١ / ٣٦٩ ، القاموس المحيط : ٣ / ١٢٧.
(٧) «الكافي» : ٢ / ٦٣ ح ١٣.