الخبرية تشعر (١) من حيث هي هي بوقوع نسبة اخرى خارجة عنها ، ولذلك احتملت عند العقل مطابقتها أو لا مطابقتها.
وأمّا النسبة الذّهنية في المركّبات التقييديّة فلا إشعار لها من حيث هي هي ، بوقوع نسبة اخرى تطابقها أو لا تطابقها ، بل إنّما أشعرت بذلك من حيث إنّ فيها إشارة إلى نسبة اخرى خبريّة.
بيان ذلك ، إنّك إذا قلت : زيد فاضل ، فقد اعتبرت بينهما نسبة ذهنية على وجه يشعر بذاتها بوقوع نسبة اخرى خارجة عنها ، وهي أنّ الفضل ثابت له في نفس الأمر ، لكن تلك النسبة الذهنية لا تستلزم (٢) تلك النسبة الخارجية استلزاما عقليّا ، فإن كانت النسبة الخارجية المشعر بها واقعة ، كانت الأولى صادقة ، وإلّا فكاذبة ، وإذا لاحظ العقل تلك النسبة الذهنية من حيث هي هي ، جوّز معها كلا الأمرين على السّواء ، وهو معنى الاحتمال.
وأمّا إذا قلت : يا زيد الفاضل ، فقد اعتبرت بينهما نسبة ذهنية على وجه لا يشعر من حيث هي هي ؛ بأنّ الفضل ثابت له في الواقع ، بل من حيث إنّ فيها إشارة إلى معنى قولك : زيد فاضل ، إذ المتبادر إلى الأفهام أن لا يوصف شيء إلّا بما هو ثابت له في الواقع ، فالنسبة الخبرية يشعر من حيث هي هي بما يوصف باعتباره بالمطابقة والّلامطابقة ، أي الصدق والكذب ، فهي من حيث هي هي محتملة لهما. وأمّا التقييديّة فإنّها تشير إلى نسبة خبرية ، والإنشائية تستلزم نسبا خبرية (٣) ،
__________________
(١) بمعنى تدل صريحا بحسب ذات نفس الكلام.
(٢) اي لا تستلزم وجودها في الواقع.
(٣) أي أنّ المركّبات الانشائية كاضرب مثلا. ووجه الاستلزام انّ النسبة الانشائية ـ