وفيه : منع اتّحاد حكم المجموع مع الآحاد ، فإنّ العسكر يفتح البلاد ويظفر ولا يتمشّى ذلك من كلّ واحد ، والعشرة من حكمها أنّ الواحد جزئها بخلاف الواحد (١) ، فلا يلزم من حصول العلم من إخبار الجميع بسبب التعاضد والتّقوي حصوله من كلّ واحد.
وذكروا غير ذلك أيضا من الشبه الواهية الظاهرة الدفع ، مع أنّها تشكيكات في مقابلة الضرورة فلا يستحقّ الجواب ، كالشبّه السّوفسطائية المنكرين للحسيّات ، فإنّ غاية مراتب الجواب ، الضّرورة ، وهم ينكرونها.
ولهم (٢) شبهتان اخريان إنّما تردان على من قال بأنّ العلم الحاصل من التواتر ضروريّ كما هو المشهور ، وهو أنّه لو حصل العلم به بالضّرورة لما فرّقنا بينه وبين سائر الضروريات ، واللّازم باطل ، لأنّا نفرّق بين وجود الإسكندر وكون الواحد نصف الاثنين ، وأنّه لو كان ضروريا لما اختلف فيه ، ونحن لكم مخالفون (٣).
وفيهما : مع أنّهما لا يردان إلّا على القول بكون العلم به ضروريا لا مطلقا ، أنّه يرد على الأوّل : أنّ الفرق إنّما هو من جهة تفاوت الضّروريات في حصول العلم من جهة كثرة المؤانسة ببعضها دون بعض.
وعلى الثاني : أنّ الضرورة لا تستلزم عدم المخالف كما نشاهد في السّوفسطائية ، وإنّما هو من جهة بهت (٤) وعناد.
__________________
(١) أي بخلاف كل واحد واحد.
(٢) اي لمنكرين التواتر.
(٣) لأننا نقول بعدم حصول العلم من جهة التواتر.
(٤) قذف بالباطل ومنه البهتان.