وذلك وإن لم يستلزم عدم حصول التواتر في نفس الأمر ، إلّا أنّ علمنا لم يحصل من جهته ، بل الظاهر أنّه من جهة أنّ أهل العصر قاطبة مجمعون على ذلك ، إمّا بالتصريح أو بظهور أنّ سكوتهم مبنيّ على عدم بطلان هذا النقل ، فكثرة تداول ما ذكر على الألسنة وعدم وجود مخالف في ذلك العصر ، ولا نقل عمّن سلف في غيره ؛ تفيد القطع بصحّته ، وذلك نظير الإجماع على المسألة ، وليس ذلك من باب التّواتر. فالظاهر أنّ وجود البلاد النائية والأمم الخالية لنا من هذا الباب ؛ لا من باب التواتر (١) ، بل الذي يحصل لنا من باب التواتر في هذا العصر ليس من باب تلك الأمثلة. والمثال المناسب لهذا العصر هو نقل زلزلة وقعت في بلدة ، فتكاثر الواردون والمشاهدون لذلك ، وتضافروا في الإخبار حتّى حصل القطع. فعلى هذا ، فاجتماع اليهود والنصارى على الخبر أو على ملّتهم ليس من إحدى القبيلتين.
أمّا التواتر فلعدم العلم بتساوي الطبقات ، بل العلم بالعدم كما ذكرنا.
وأمّا الإجماع ، فلوجود المخالفة من المسلمين وغيرهم ، فلا تغفل ، فإنّ أكثر الأمثلة التي يذكرون في هذا الباب (٢) من باب الثاني لا الأوّل (٣) وكم من فرق بينهما.
ورابعا : أنّ الكذب يجوز على كلّ واحد من الآحاد ، فيجوز على الجميع لأنّه عبارة عن الآحاد.
__________________
(١) حيث لا بد في التواتر من النقل والأخبار الكثيرة.
(٢) باب التواتر.
(٣) من الاجماع لا التواتر.