وبعضهم خصّ المنع بما لو كان الخبر عمّا مضى ، لا الموجود.
لنا : الجزم بوجود البلدان النائية كالهند والصين ، والأمم الخالية كقوم فرعون وقوم موسى عليهالسلام ضرورة من دون تشكيك ، كالجزم بالمشاهدات. وللسّمنية شبه واهية ، مثل أنّهم قالوا أوّلا : إنّه كاجتماع الخلق الكثير على أكل طعام واحد ، وهو محال عادة.
وفيه : مع أنّه مدفوع بوقوعه (١) ـ كما ذكرنا ـ قياس مع الفارق ، لوجود الدّاعي فيما نحن فيه دون ما ذكروا.
وثانيا : أنّه لو حصل العلم به ، لزم اجتماع النقيضين لو تواتر نقيضه أيضا.
وفيه : أنّ هذا الفرض محال.
وثالثا : لو حصل العلم به ، لحصل بما نقله اليهود والنصارى عن نبيّهم ، بأنّه لا نبيّ بعده ، فيبطل دين محمّد صلىاللهعليهوآله.
وفيه : منع تحقّق التواتر فيما ذكروه ، لاشتراط تساوي الوسائط في إفادة العلم بالكثرة ، وبخت نصّر قد استأصل اليهود فلم يبق منهم عدد التواتر. وكذلك النصارى في أوّل الأمر لم يكونوا عدد التواتر ، مع أنّ عدم العلم بتساوي الطبقات يكفي في المنع ، ولا يهمّنا إثبات العدم.
واعلم أنّ هاهنا دقيقة لا بدّ أن ينبّه عليها ، وهو أنّه قد يشتبه ما يحصل العلم فيه بسبب التسامع والتضافر وعدم وجود المخالف بالتواتر ، فمثل علمنا بالهند والصين ورستم وحاتم ، ليس من جهة التواتر ، لأنّا لم نسمع إلّا من أهل عصرنا ، وهم لم يرووا لنا عن سلفهم ذلك أصلا ، فضلا عن عدد يحصل به التواتر ، وهكذا.
__________________
(١) بوقوع التواتر.