خاصّة من حيث خصوصيّات الخبر يكون متواترا مطلقا (١) ، سيّما مع ملاحظة ما يذكرونه في نفي تعيين العدد ، وأنّ المدار بما يحصل منه العلم ، وهو يختلف باختلاف المواقع ، فلا يقتضي اعتبار ما ذكر ؛ اعتبار الكثرة فيه.
فعلى هذا ، لو أخبر ثلاثة بواقعة وحصل العلم بها من جهة خصوص الواقعة وملاحظة صدق المخبرين وخلوّ ذهن السّامع من الشبهة ، يلزم أن يكون هذا متواترا ، مع أنّ الظاهر أنّهم لا يقولون به.
والحاصل ، أنّ اشتراط الكثرة أمر زائد على اعتبار كون المخبرين جماعة ، فالمعتبر هو الجماعة الكثيرة لا مطلق الجماعة ، فالتعريف على ما ذكروه غير مطّرد (٢). فلو لم نمنع من مدخليّته حال المخبرين والسّامعين ونفس الخبر في حصول العلم ، فلا بدّ أن نعتبرها في حصول العلم بالكثرة (٣) ، فالأولى أن يقال أنّه خبر جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب عادة ، وإن كان للوازم الخبر مدخلية في إفادة ذلك الكثرة العلم.
ثمّ إنّ الحقّ إمكان تحقّق الخبر المتواتر وحصول العلم به ، وقد خالف في ذلك السمنيّة والبراهمة ، وهما طائفتان من أهل الهند أولاهما عبدة الأوثان ، قائلة بالتناسخ (٤) ، والثانية من الحكماء على زعمهم ، وكلاهما نافيتان للأديان والنبوّات.
__________________
(١) أي سواء بلغوا الى المرتبة الكثيرة المعهودة أو لا.
(٢) أي غير مانع لدخول خبر ثلاثة مثلا يعلم صدقهم بسبب القرائن الداخلة.
(٣) أي بسبب الكثرة.
(٤) التناسخ الذي أطبق المسلمون على بطلانه هو تعلّق الأرواح بعد خراب أجسامها بأجسام أخر في هذا العالم مطردة في الأجسام العنصرية.