وإلّا فكان اللّازم عليه أن ينبّه على أنّ ذلك مناقشة في المثال ، مع أنّ المثال الذي (١) ذكروه قابل لكلا الوجهين كما عرفت ، وإدخال الوجه الأوّل تحت المتواتر اللّفظي وكذا بعض ما تقدّمه من الأقسام مشكل.
على هذا فجميع أقسام المتواتر يجمعها قسمان :
أحدهما : أن يدلّ على آحاد الأخبار على شيء يوجب كثرتها مع دلالتها على ذلك الشيء ، القطع بحصول ذلك الشيء ، وذلك هو ما عدا الوجه الثاني من القسم السّادس من الأقسام.
والثاني : أن يحصل من مجموع آحاد متكثّرة الدلالة على شيء وكانت مقطوعا بها. ويمكن أن يمثّل للوجه الثاني بالأخبار التي وردت في نجاسة الماء القليل بالخصوصيات المعيّنة من جهة النجاسة ومن جهة الماء معا ، فإنّ بملاحظة مجموعها يمكن دعوى القطع بأنّها تدلّ على نجاسة مطلق الماء القليل ، بل الظاهر أنّ الحكم كذلك. ولو كان الحكم بالنجاسات المخصوصة كان واردا (٢) في مطلق الماء القليل كما هو مضمون بعض الأخبار ، فإنّ عموم الموضوع لا ينفع مع خصوص الحكم.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ ما ذكروه في تعريف التواتر من اشتراط كونه منوطا بالحسّ (٣) ، فإن أرادوا إدراج المشترك المعنوي في التعريف ، فلا بدّ أن يقال : انّ المتواتر هو ما يكون نقل المخبرين منوطا بالحسّ (٤) وموجبا بنفسه العلم بذلك
__________________
(١) للوجه الثاني المذكور في كلام العضدي.
(٢) جملة كان هنا خبر كان السّابقة.
(٣) راجع «المعالم» ص ٣٤٠.
(٤) أن يكون مدرك الخبر وهو موجب علم المخبرين بالحكم بالحسّ بصرا أو سمعا أو غيرهما.