واعلم أنّ القول بإفادة العلم مع قطع النظر عن القرائن الداخلة والخارجة في خبر غير العدل لم يعهد من أحد منهم ، وكذلك اشتراط العدالة في الخبر المحفوف بالقرائن الخارجية.
ومحلّ نزاعهم في غير المحفوف بالقرائن الخارجية مخصوص بخبر العدل ، وفيه أعمّ.
فلنقدّم الكلام في خبر العدل الخالي عن القرائن الخارجية ، فالمشهور عدم إفادته العلم مطلقا.
وذهب أحد من العامّة إلى أنّه يفيد العلم مطّردا.
وذهب قوم إلى أنّه يفيده غير مطّرد ، وهذا أظهر ، لأنّا كثيرا ما نجد بالوجدان حصول العلم من خبر العدل الواحد بملاحظة القرائن اللّازمة للخبر التي لا ينفكّ عنها عادة ، وإن لم يكن هناك قرينة خارجة ، إذ قد عرفت أنّ اعتبار القرائن الدّاخلة لم يخرج عن تعريف الخبر الواحد ، ولكن ذلك لا يطّرد كما هو مشاهد بالوجدان ، بل لا يبعد القول بحصول ذلك في خبر غير العدل أيضا.
وما استدلّ به القائل بالاطّراد في خبر العدل من أنّه لو لم يفد العلم لما وجب
__________________
ـ قالوا هو ما أفاد الظنّ ، فمعناه أنّه لا يفيد العلم أصلا أو أنّه لا يفيد العلم بنفسه ، فمعناه انّه قد يفيده بغيره من القرائن الخارجية. وقد يفهم من تعريف بعضهم بأنّه ما لم ينته الى حدّ التواتر وجعل ما يفيد العلم بنفسه لا من جهة الكثرة ، بل من جهة القرائن الداخلة كما حققناه ، فيرجع النزاع الى الأقوال الأربعة. أحدها : عدم إفادة العلم أصلا لا بالنظر الى القرائن الداخلة ولا الزّائدة. والثاني : إفادته العلم بالنسبة الى الزّائدة دون الداخلة. والثالث : إفادته بالنسبة الى الداخلة أيضا ومطّردا. والرابع : كذلك غير مطّرد. هذا كما في الحاشية.