العمل به ، بل لم يجز لقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) و : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ.)(٢) والتالي باطل للإجماع ، فالمقدّم مثله ، فهو باطل ، لأنّ الإجماع إنّما هو الباعث على العمل بالظنّ وهو قاطع ، ولمنع تعلّق النّهي بالعمل بالظنّ في الفروع ، وإنّما هو في الأصول كما مرّ وسيجيء.
واحتجّ الجمهور بوجوه ثلاثة (٣) :
الأوّل : أنّه لو حصل بلا قرينة ، يعني خارجية ، لكان عاديّا ، إذ لا علّية عندنا (٤) ولا ترتّب إلّا بإجراء الله عادته بخلق شيء عقيب شيء آخر ، ولو كان عاديّا لاطّرد كالخبر المتواتر ، وانتفاء اللّازم بيّن.
الثاني : أنّه لو حصل العلم به لأدّى إلى تناقض المعلومين إذا أخبر عدلان بأمرين متناقضين ، فإنّ ذلك جائز بالضّرورة ، بل واقع ، واللّازم باطل ، لأنّ المعلومين واقعان في الواقع ، وإلّا لكان العلم جهلا ، فيلزم اجتماع النقيضين.
الثالث : لو حصل العلم به ؛ لوجب القطع بتخطئة من يخالفه بالاجتهاد ، وهو خلاف الإجماع.
والجواب عن الأوّل : منع بطلان التالي إن أراد أنّه لا يفيد القطع إذا فرض صورة اخرى مثله ، إذ نحن نقول في الصورة التي فرضنا كون خبر الواحد مفيدا للعلم من جهة القرائن الداخلة ، أنّه إذا فرض مثل هذا الخبر في موضع آخر لم يتفاوت فيه
__________________
(١) الاسراء : ٣٦.
(٢) الانعام : ١١٦.
(٣) ونقلها صاحب «المعالم» فيه ص ٣٤٢.
(٤) أي لا عليّة بين الأشياء أصلا للقول بالجبر ، وانّ كل ما يحصل إنّما هو فعل الله تعالى كما هو مذهب الأشاعرة.