القرائن المذكورة أيضا ، يفيد العلم (١).
فإن أراد من عدم الاطّراد عدم الإفادة في مثل ذلك الموضوع أيضا ، فهو ممنوع.
وإن أراد في جميع أفراد خبر الواحد ، فلا يضرّنا كالمتواتر ، فإنّه أيضا يختلف باختلاف الموارد كما صرّحوا به ، فكلّ ما أرادوا من الاطّراد وجريان العادة في المتواتر ، فنريد نظيره فيما نحن فيه.
وقد يورد على هذا الدليل (٢) : بأنّ دعوى الملازمة لغو ، إذ لو كان عقليّا لثبت الاطّراد بالطريق الأولى ، وإرادة نفي كون ذلك على سبيل الاتّفاق من ذلك ، يأباه التعليل بقوله : إذ لا علّيّة ولا ترتّب. انتهى.
وفيه : أنّ هذا الدّليل من الأشاعرة ، وهم لمّا جعلوا عدم العلّية والترتّب العقلي مفروغا عنه ، فغرضهم أنّ الأمر هنا منحصر في كون الترتّب عاديا وكونه بسبب جريان عادة الله به ، ومقتضاه الدّوام ، فلا يكون من باب محض الاتّفاق ، ولا ينافيه التعليل بقوله : إذ لا عليّة ولا ترتّب. انتهى. فإنّ الحصر بالنسبة إلى محض الاتّفاق.
__________________
(١) خبر انّ.
(٢) المورد هو المحقق السلطان في حاشيته ص ٣٢٣ على «المعالم». هذا والمراد من دعوى الملازمة دعوى الحصر في القياس ، وإنّما يكون لغوا لأنّ الاطّراد جهة مشتركة بين العلم العادي والعلم العقلي ، بل الثاني أولى بالاطّراد ، لأنّه عبارة عن كون الترتب بين العلم وخبر العدل عقليّا ، باعتبار كون خبر العدل بنفسه مؤثّرا وعلّة تامة للعلم ، ومن المستحيل عقلا تخلّف المعلول عن العلّة التامة ، بخلاف العادة ، فإنّ التخلّف فيها ممكن عقلا. وقضية الاطراد في العلمين هو إلغاء دعوى الحصر بإسقاط الملازمة الأولى والاقتصار على دعوى الملازمة الثانية ، فيقرّر الدليل حينئذ بأنّه لو حصل به العلم لكان مطّردا سواء في ذلك العادي والعقلي ، هذا كما في الحاشية.