وعن الثاني : أنّ هذا الدّليل إنّما ينهض على القائل بالاطّراد ، ونحن لا نقول به في كلّ خبر عدل ، فنمنع لزوم حصول العلم بالمتناقضين. وأنّ هذا الفرض غير متحقّق كما مرّ نظيره في شبه السومناتيّة في المتواتر. ولو فرض انّ أحدا ادّعى حصول العلم بخبر بسبب القرائن الداخلة ، وآخر بنقيضه ، ظهر أنّ أحدهما أخطأ في دعوى العلم. وكذلك لو ادّعى أوّلا حصول العلم بخبر ، ثمّ ظهر له العلم بنقيضه بخبر آخر.
فقوله : إنّ ذلك جائز بالضّرورة ، بل واقع إن أراد مجرّد صدور خبر عدلين في طرفي النقيض ، فهو كذلك ، لكنّا لا نقول بحصول العلم منهما (١).
وإن أراد حصول العلم (٢) بشيء لأحد من خبر بسبب القرائن الداخلة ، ولآخر بنقيضه ، فهو جائز الوقوع ، لكنّ ذلك كاشف عن الخطأ في دعوى العلم ، ونظيره في البراهين غير محصور.
وعن الثالث : إن أراد ما لو حصل العلم به (٣) للمخالف بالاجتهاد أيضا ، فلا ريب أنّ المخالف له مخطئ جزما ، ودعوى الإجماع على خلافه باطل قطعا.
وإن أراد ما لو لم يحصل العلم به (٤) للمخالف ، فهو كما ذكره من جواز المخالفة ، ولا غائلة فيه ، إذ ربّما (٥) يحصل لأحد العلم بشيء ولا يحصل لآخر ،
__________________
(١) بحصول العلم المطابق الواقعي من كل منهما.
(٢) المطابق.
(٣) أي بالخبر.
(٤) المطابق من الخبر.
(٥) علّة لكلا الجوابين الشق الأوّل للأوّل والثاني للثاني أو للجواب الثاني باعتبار الشق ـ