وكلّ مكلّف بما حصل له. والظاهر أنّ الدليلين الأخيرين في مقابل من يقول بالاطّراد.
وأمّا الخبر المحفوف بالقرائن الخارجة ، فالأظهر فيه أنّه قد يفيد القطع ، وذهب قوم إلى المنع (١).
لنا : أنّه لو أخبر ملك بموت ولد له مشرف على الموت ، وانضمّ إليه القرائن من صراخ وجنازة وخروج المخدّرات على حالة منكرة غير معتادة من دون موت مثله ، وكذلك الملك وأكابر مملكته ، فإنّه يحصل بذلك العلم بصحّة الخبر ويعلم به موت الولد وجدانا ضروريا لا يعتريه شكّ وريب ، بل وقد يحصل من دون ذلك.
وأمّا ما أورد عليه من الشّكوك ومنع العلم ، إذ لعلّه غشي عليه فأفاق أو مات ولد آخر له فجأة واعتقده المخبر أنّه المشرف على الموت.
ففيه : أنّها احتمالات عقلية لا تنافي العلوم العادية ، مع أنّا نفرض الواقعة بحيث لا يبقى هذه الاحتمالات. وكذلك ما قيل : إنّ ذلك العلم لعلّه من جهة القرائن من دون مدخليّة الخبر ، كالعلم بخجل ووجل الوجل ، وارتضاع الطفل اللّبن من الثدي ونحوها ، فإنّ القرينة قد تستقلّ بإفادة العلم.
مدفوع : بأنّه حصل بالخبر بضميمة القرائن ، إذ لو لا الخبر لجوّز موت شخص آخر.
__________________
ـ الأخير ، وعلى هذا يكون أصل التعليل هو قوله : ولا يحصل. هذا ما أفاده في الحاشية.
(١) وقوله : وذهب قوم الى المنع ، وكأنّه المشهور بين القدماء من العامة كما يظهر من «النهاية» ، حيث نسبوا القول بنعم الى النظّام والجويني والغزالي ، راجع «المعالم» ص ١٤٠ ، و «المستصفى» ١ / ١٤٢ ، ثم قال : وأنكره الباقون ، وعن الحاجبيين نسبة الإنكار الى الأكثر.