والحقّ ، أنّ إمكان حصول العلم بديهيّ لا يقبل التشكيك.
واحتجّ المنكرون بالوجوه الثلاثة المتقدّمة (١).
والجواب عنها يظهر ممّا ذكرنا ثمّة ، فلا نعيدها.
ثمّ إنّ بعضهم ذكر أنّ الخبر المحفوف بالقرائن القطعيّة لم يقع في الشرعيّات.
أقول : إمكان حصوله للحاضرين المستمعين من الصّحابة والتابعين والمقاربين عهد الأئمّة عليهمالسلام ممّا لا يمكن إنكاره ، وكذلك المحفوف بالقرائن الداخلة.
وأمّا في أمثال زماننا ، فلم نقف عليه في أخبارنا ، وما ذكره بعض أصحابنا كالشيخ رحمهالله في أوّل «استبصاره» (٢) من القرائن المفيدة للقطع مثل موافقة الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، فهو ليس ممّا يفيد القطع ، إذ غاية الأمر موافقة الخبر لأحد المذكورات ، وهو لا يفيد قطعيّة صدوره ولا دلالته. ولو فرض كون مضمونه قطعيّا بسبب أخذ من تلك القرائن ، فهو الخبر المقرون بالقرينة الدالّة على صحّة مضمون الخبر ، لا صحّة نفس الخبر. وموضوع المسألة إنّما هو الثاني لا الأوّل ، فأخبارنا اليوم كلّها ظنّية إلّا ما ندر ، ومخالفة الأخباريين في ذلك ودعواهم قطعيّتها ممّا لا يصغى إليه. ولعلّنا نتكلّم في ذلك بعض الكلام في باب الاجتهاد والتقليد.
__________________
(١) في خبر العدل الخالي عن القرائن الخارجية.
(٢) في مقدّمته كان قد عقد بحثا في أقسام الحديث ومحامله.