قبيح ـ بلا خلاف فيه من أصحابنا ، إلّا ما نقل عن ابن قبّة (١) ، وتبعه جماعة من الناس (٢) تمسّكا بأنّه يؤدّي إلى تحليل الحرام وتحريم الحلال ، وأنّه لو أجاز التعبّد به في الأخبار عن المعصوم عليهالسلام لجاز عن الله تعالى أيضا ، لجامع كون المخبر عادلا في الصّورتين ، وفيه ما فيه.
ويمكن توجيه الاستدلال الأوّل : بأنّ للمحرّمات مثلا قبحا ذاتيّا ، وكذا الواجبات (٣) ، وربّما يحرم شيء لكونه سمّا أو موجبا لفساد في العقل أو الجسم كالخمر والميتة الموجبتين للقساوة وظلمة القلب ، وتلك خاصيّتهما ، ولا تزول بالجهل ، فإذا جوّز العمل بخبر الواحد المفيد للظنّ ، فلا يؤمن عن الوقوع في تلك المفسدة ، فتجويز العمل به ، مظنّة الوقوع في المهلكة.
ويمكن دفعه : بأنّا نرى بالعيان أنّ الشارع الحكيم جوّز لنا أخذ اللّحم من (٤) أسواق المسلمين ، وحكم بالحلّ وإن لم نعلم كونه مذكّى ، وكذلك رفع المؤاخذة عن الجاهل والناسي وغيرهما. فعلم من ذلك أنّه تدارك هذا النقص من شيء آخر من الشرائع من الأعمال الشاقّة والمجاهدات الصّعبة وسائر التكليفات ، فلا مانع من أن يجوز العمل بالظنّ الحاصل من خبر الواحد ، وإن كان في نفس الأمر (٥)
__________________
ـ كالظلم على الله تعالى ، لا الامتناع الذّاتي كاجتماع النقيضين ، والإمكان أعم من الوقوع. هذا كما في الحاشية.
(١) بكسر القاف وفتح الباء من المتكلّمين ، وكذا حكاه في «المعارج» ص ١٤١.
(٢) من علماء الكلام منهم الجبّائيّان وغيرهما ، حيث قالوا : بامتناع التعبد به في الشريعة.
(٣) فيها حسنا ذاتيا.
(٤) في الكتاب عن.
(٥) في بعض الأحيان.