حجيّته بذاته من قبل الشّارع ليتمّ حجّيّته في زمان إمكان العلم أيضا أو لأجل دفع توهّم حرمة العمل به ؛ خصوصا كالقياس ، لأجل ما ادّعاه السيّد رحمهالله من الإجماع على الحرمة ، كما سيجيء ، وإلّا فهذه الأدلّة على جواز العمل بالظنّ عند الاضطرار يكفيهم في جواز العمل بخبر الواحد ، وكذلك استدلالهم في حجّية ظواهر الكتاب لدفع ما توهّمه الأخباريّون من المنع.
وعلى هذا فقس سائر المقاسات (١) التي استدلّوا على حجّيتها بالخصوص من القياس المنصوص العلّة ومفهوم الموافقة واستصحاب حال الشّرع وغيرها. والأدلّة على ذلك من وجوه ، وأنت إذا تأمّلتها تقدر على استنباط حجّية خبر الواحد منها (٢).
الأوّل : أنّ باب العلم القطعيّ في الأحكام الشرعية منسدّ في أمثال زماننا في غير الضّروريات غالبا ، ولا ريب أنّا مشاركون لأهل زمان المعصومين عليهمالسلام في التكاليف ، وليس في غير ما علم ضرورة أو إجماعا أو حكم به العقل القاطع ما يدلّ على الحكم باليقين. فإنّ الكتاب بنفسه لا يفيد إلّا الظنّ ، وكذلك أصل البراءة ، والضّرورة والإجماع ، والعقل القاطع لا يثبت بها (٣) شيء ينفعنا في الفقه غالبا ، بل هي إنّما تثبت بعض الأحكام إجمالا ولا يحصل منها التفصيلات. وعلى هذا فينحصر الامتثال في العمل بالظنّ ، وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق. ويندرج في ذلك الظنّ الحاصل من الخبر الواحد ، فإنّه لا فارق بين أفراد الظنّ من حيث هو ، فإذا
__________________
(١) إذ الجهتان المذكورتان تجريان في كل من المقامات المذكورة.
(٢) لأنّه يمكن القول بأنّه فرد من أفراد الظنّ المطلق.
(٣) أي بهذه الثلاثة.