ببراءة الذمّة عنه ، وعدم جواز العقاب على تركه ، لا لأنّ الأصل المذكور يفيد ظنّا بمقتضاها حتّى يعارض بالظنّ الحاصل من أخبار الآحاد (١) بخلافها ، بلّ لما ذكرنا من حكم العقل بعدم لزوم شيء علينا ما لم يحصل العلم لنا به ، ولا يكفي الظنّ به (٢) ، ويؤكّد ذلك ما ورد من النّهي عن اتّباع الظنّ.
وعلى هذا ، ففيما لم يحصل العلم به على أحد الوجهين (٣) وكان لنا مندوحة عنه كغسل الجمعة مثلا ، فالخطب سهل ، إذ نحكم بجواز تركه بمقتضى الأصل المذكور (٤).
وأمّا فيما لم تكن مندوحة عنه كالجهر بالتسمية والإخفات بها في الصّلوات الإخفاتية التي قال بوجوب كلّ منهما قوم ، ولا يمكن لنا ترك التسمية ، فلا محيد لنا عن الإتيان بأحدهما ، فنحكم بالتخيير فيهما لثبوت وجوب أصل التسمية ، وعدم ثبوت خصوص الجهر أو الإخفات ، فلا حرج لنا في فعل شيء منهما. وعلى هذا ، فلا يتمّ الدّليل المذكور لأنّا لا نعمل بالظنّ أصلا.
أقول : وفيه (٥) نظر من وجوه :
أمّا أوّلا : فلأنّ قوله : وما لم يحصل العلم به نحكم فيه ... الخ. إن أراد منه عدم حصول العلم الإجمالي أيضا ، فهو كذلك ، لكنّه خلاف المفروض.
__________________
(١) المفيدة للظنّ المطلق.
(٢) ولعلّ المصنّف حمل الوجهين على الضرورة والاجماع وغفل عن قوله الّا بالعلم به أو ظن يقوم على اعتباره دليل يفيد العلم. هذا كما في الحاشية.
(٣) اللذين أحدهما الظنّ الخاص.
(٤) أي أصل البراءة.
(٥) وفي قول الخوانساري.