تفيد أنّ الكتاب من القسم الأوّل.
قلنا أوّلا : ننقل الكلام إلى تلك الأخبار ونقول : إنّ الاستدلال بها فيما نحن فيه موقوف على أن يكون تلك الأخبار من قبيل القسم الأوّل ، لا من باب مجرّد الخطاب الشفاهي مع الأصحاب.
وثانيا : أنّه لا قطع لنا بكونها ظنّي الدّلالة بالنسبة إلى المشافهين في هذا المعنى ، كما ذكرنا القدح من الأخباريين في دلالتها وإن كان خلاف الظاهر ، فإنّ غايتها الظنّ بكون جواز العمل بما يظنّ من جهة الكتاب جائزا لهم (١) ولا قاطع لحجّية هذا الظنّ. ويمكن أن يكون المراد تمسّكوا بها إذا فسّرها الأئمّة عليهمالسلام (٢) كما ذكره الأخباريون وإن كان خلاف الظاهر.
وإن سلّمنا أنّ تعاضد تلك الأخبار بعضها ببعض مع قرائن خارجية يفيد القطع بجواز العمل ، فذلك أيضا لا يفيد إلّا جواز العمل في الجملة (٣). وأمّا لو حصل ظنّ أقوى من ظاهر الكتاب من جهة خبر الواحد وغيره من الأدلّة التي لم يثبت حجّيتها بالخصوص ، فلا قطع ، لوجوب العمل على ظاهر الكتاب حينئذ.
__________________
(١) قال السيّد القزويني في الحاشية : إنّ لفظ الجواز زيادة وقعت في العبارة من سهو القلم ، ومحصّل المراد حينئذ انّ غاية ما يحصل من هذه الأخبار الآمرة بالتمسّك بالكتاب ، إنّما هو الظنّ بجواز العمل بالظن الحاصل من الظواهر لهم ولنا ، وهذا الظن غير معلوم الحجّية لنا لاستناده الى الأخبار الغير العلميّة صدورا أو دلالة ، فيلزم انتهاء الظن الحاصل من ظواهر الكتاب بالنسبة الى الظن الغير المعلوم الحجّية.
(٢) فقد وردت روايات كثيرة تنهى عن التفسير بالرأي ، بل يجب الأخذ من أهل الذكر الرّاسخون في العلم ، وإلّا فمن فسّر القرآن برأيه فقد كفر. وفي رواية اخرى من فسّر القرآن برأيه فاصاب لقد أخطاء ، ومثل هذه كثير.
(٣) لا مطلقا حتى في الصورة الآتية ليكون من باب الظنّ الخاص.