وتكلّم في «الذّريعة» (١) على التعلّق بعمل الصّحابة والتابعين بأنّ الإمامية تدفع ذلك وتقول : إنّما عمل بأخبار الآحاد من الصحابة (٢) المتآمرون الّذين يحتشم التصريح بخلافهم والخروج من جملتهم ، فإمساك النكير عليهم لا يدلّ على الرّضا بما فعلوه ، لأنّ الشرط في دلالة الإمساك على الرّضا أن لا يكون له وجه سوى الرّضا من تقيّة وخوف وما أشبه ذلك ، هكذا نقله عنه في «المعالم» (٣).
والجواب عنه : منع ما ادّعاه (٤) ، ولا يحصل لنا العلم بالإجماع الحقيقي على ذلك ، لو لم يحصل على عدمه ، والاتّكال على نقله الإجماع رجوع إلى العمل بخبر الواحد ، مع أنّه لو سلّم الإجماع فإنّما يسلّم فيما لو لم ينقطع باب العلم ، والمفروض في زماننا انقطاعه كما مرّ. فالقدر المسلّم منه في زمان أصحاب الأئمّة عليهمالسلام لكونهم قادرين على تحصيل العلم ، بل ولبعضهم لعدم تمكّن كثير منهم من العلم أيضا.
ووجه امتناع أصحاب الأئمّة عليهمالسلام عن العمل بأخبار الآحاد لعلّه كان لأجل تمكّنهم ، بل الظاهر أنّ السيّد رحمهالله أيضا كان متمكّنا (٥) لقرب عهده بصاحب الشّرع ووجود القرائن والأمارات ، ولذلك قال : إنّ معظم الفقه يعلم بالضّرورة من مذاهب أئمّتنا عليهمالسلام ، وبالأخبار المتواترة ، وما لم يتحقّق فيه ذلك ، فيعوّل فيه على إجماع
__________________
(١) ٢ / ٥٣٧.
(٢) كأبي بكر في رواية اختلقها على النبي صلىاللهعليهوآله : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة. فمنع الصديقة الزهراء عليهاالسلام حقها مفتريا بذلك على الله ورسوله. وأيضا كرجوع ابو بكر في توريث الجدة الى خبر المغيرة ، ورجوع عمر الى رواية عبد الرحمن في سيرة المجوس بقوله : سيروا بهم سنة أهل الكتاب ، ومنع من توريث المرأة من دية زوجها ورجع عن ذلك بخبر الضحاك بن قيس ، كما لم يكن عثمان بأفضل منهما.
(٣) ص ٣٤٨.
(٤) من الاجماع.
(٥) من تحصيل العلم.