أمّا المفتي ، فلا خلاف في أنّه لا يعتبر فيه التعدّد ، وكذا الحاكم ، لأنّه ناقل عن الله تعالى إلى الخلق ، فهو كالرّاوي ولأنّه وارث النبي صلىاللهعليهوآله أو الإمام عليهالسلام الذي هو واحد.
وأمّا قبول الواحد في الهديّة (١) ، وفي الإذن في دخول دار الغير فليس من باب الشهادة ، لا لأنّه رواية إذ هو خاص ، بلّ شهادة ، لكن اكتفي فيها بالواحد عملا بالقرائن المفيدة للقطع ، ولهذا قبل وإن كان صبيّا ، ومنه إخبار المرأة في إهداء العروس إلى زوجها.
ولو قيل : بأنّ هذه الأمور قسم ثالث خارج عن الشّهادة والرّواية ، وإن كان مشبها للرواية (٢) ، كان قويّا وليس إخبارا ، ولهذا لا يسمّى الأمين المخبر عن فعله شاهدا ولا راويا مع قبول قوله وحده [كقوله] : هذا مذكّى أو ميتة لما في يده. وقول الوكيل : بعت ، أو أنا وكيل ، أو هذا ملكي. انتهى ما أردنا ذكره (٣).
أقول : ولا يخفى على المتأمّل في كلامه رحمهالله (٤) ، ما فيه من المسامحة في البيان ، واشتباه ما هو المقصود من الرّواية والشهادة ووجه التفرقة بينهما وحكمهما. فإنّ من يقول بأنّ الواحد يكفي في الرّواية دون الشّهادة ، إن أراد بالرّواية الخبر المصطلح الذي هو واحد من أدلّه الفقه بناء على حجّية خبر الواحد لا مطلق الخبر المقابل للإنشاء ، فهو لا يتمّ لأنّه لا معنى حينئذ للتفريعات التي ذكروها من حكاية رؤية الهلال ، والمترجم وغيرهما ممّا ذكروه ، ولا لجعل التذكية رواية بهذا المعنى
__________________
(١) بأن يقول : انّ هذه هدية فلان إليك.
(٢) قال في الحاشية : والأولى ان يقول للشهادة.
(٣) من «القواعد والفوائد».
(٤) كلام الشهيد.