المميّزات للشهادة كثيرا ما يتخلّف عن العدد ، فدعوى لزوم العدد في الشّهادة إلّا ما أخرجه الدّليل ، ليس بأولى من دعوى كفاية مطلق الخبر ، إلّا ما أثبته الدّليل ، فالمتّبع هو ما اقتضاه الأدلّة في خصوصيات المقامات : إلّا أن يتمسّك بالاستقراء وتتبّع موارد الأحكام (١) ، فإنّه يقتضي كون الأصل فيها العدد وأنّ ما اكتفي فيه بالواحد فإنّما خرج بدليل خاصّ.
بقي الكلام في الفرق بين الفتوى والحكم ، وهو أنّ الفتوى هو إخبار عن الله تعالى بأنّ حكمه في هذه القضيّة كذا ، ومن خواصّه عدم المنع من مخالفته من المجتهد والمقلّد. أمّا المجتهد فظاهر ، وأمّا المقلّد ، فلأنّ له أن يستفتي عن آخر ، ومع التعدّد فيختار الأعلم ثمّ الأورع ، ومع التساوي يتخيّر.
والحكم هو إنشاء إطلاق أو إلزام في المسائل الاجتهادية وغيرها (٢) مع تقارب المدارك فيها ممّا يتنازع فيه الخصمان بمصالح المعاش ، هكذا عرّفه الشهيد في «القواعد» (٣). وحكمه أنّه لا يجوز لغيره نقضه وإن كان مجتهدا مخالفا له في الرأي ، لاستلزام ذلك عدم استقرار الأحكام ، والمصلحة في شرع الأحكام هو حصول النظام ، وذلك (٤) ينافيه.
وقال في «القواعد» (٥) : فبالإنشاء يخرج الفتوى لأنّها إخبار ، والإطلاق والإلزام نوعا الحكم ، وغالب الأحكام إلزام. ومثّل للإطلاق بإطلاق مسجون لعدم ثبوت الحقّ عليه ، وبإطلاق حرّ من يد من ادّعى رقّه بلا بيّنة ، وغير ذلك. قال :
__________________
(١) الشرعية الواردة في الأخبار.
(٢) أي الاجماعية او الأصولية العملية الفقاهية الأربعة كما في الحاشية.
(٣) في القاعدة [١١٤] من «القواعد والفوائد» ١ / ٣٢٠.
(٤) النقض له.
(٥) ١ / ٣٢٠.