هذا كلّه إذا تعيّن الرجل أو السّند ، وأمّا إذا قال : حدّثني عدل من أصحابنا ، فإن كان ذلك المزكّي والمزكّى من جملة رواة أصحابنا الّذين وقع الخلاف في جرحهم وتعديلهم ، فلا يمكن الاعتماد ، لعدم إمكان الفحص عن حاله بسبب جهالته. وكذلك لو قال عالم في كتابه في حقّ حديث مجهول السند أنّه صحيح.
وأمّا لو كان ذلك في غير ما وقع الاختلاف فيه ، كما لو أخبرنا أحد في زماننا هذا ، وقال : أخبرني عدل بكذا ، فيمكن الاعتماد عليه إذا كان المخبر والمستمع عارفين بأسباب الجرح والتعديل ، متّفقين في الرأي أو مقلّدين لمجتهد واحد ، إذا لم يكن المخالفة في الجرح والتعديل ، وفي هذا البلد موجودة في حقّ العدول.
وأمّا ما ذهب إليه المحقّق (١) من الاكتفاء بقول العدل : حدّثني عدل ، بل بما دونه حيث قال : إذا قال : أخبرني بعض أصحابنا ، وعنى الإمامية ، يقبل وإن لم يصفه بالعدالة إذا لم يصفه بالجرح ، لأنّ إخباره بمذهبه شهادة بأنّه من أهل الأمانة ولم يعلم منه الجرح المانع من القبول ، فإن قال عن بعض أصحابه ، لم يقبل لإمكان أن يعني نسبته إلى بعض الرّواة (٢) أو أهل العلم ، فيكون البحث فيه كالمجهول (٣) ، انتهى.
فهو في غاية البعد مع قوله (٤) ، باشتراط العدالة في الرّاوي ، لعدم انحصار أصحابنا في العدول. ولعلّ مراده أنّ هذا نوع مدح يوجب التثبّت لتعبيره بلفظ الصاحب المفيد للاختصاص.
ثمّ إنّه لا فرق فيما تقدّم جميعا بين ما أخبر عدل واحد أو عدلان على القولين في اعتبار المزكّي الواحد أو المتعدّد ، كما لا يخفى.
__________________
(١) في «المعارج» ص ١٥١.
(٢) فعبر عنه ببعض الأصحاب.
(٣) اى كمن يبحث عن مجهول فهو عقيم لا ينفع.
(٤) أي مع قول المحقّق.