اشتراط العدالة في قبول الخبر ، هو أنّه شرط في قبوله بنفسه.
وأمّا من جهة ملاحظة التثبّت والاعتضادات الخارجية فلا ريب أنّه لا ينحصر الحجّة في خبر العدل. وغرضنا إثبات حجّية مثل هذه المراسيل لا إثبات أنّ أمثالها صحيحة في الاصطلاح ، والواسطة عادل.
واحتجّ المثبت مطلقا بوجوه أقواها أمران :
الأوّل : أنّ رواية العدل عن الأصل المسكوت عنه تعديل له ، لأنّه لو روى عن غير العدل ولم يبيّن حاله لكان ذلك غشّا وتدليسا وهو مناف للعدالة.
وفيه : أوّلا : أنّه إنّما يتمّ فيما لو أسقط الواسطة ، لا ما أبهمه.
وثانيا : أنّه يتمّ لو انحصر أمر العدل في روايته عن العدل أو عن الموثوق بصدقه ، وهو ممنوع كما لا يخفى على من تتبّع. ويشهد بذلك ما يظهر من كلام الصدوق رحمهالله في أوّل «من لا يحضره الفقيه» حيث قال أنّ دأبه في هذا الكتاب ليس دأب المصنّفين.
والثاني : أنّ إسناد الحديث إلى المعصوم عليهالسلام يقتضي صدقه لمنافاة إسناد الكذب العدالة ، فيتعيّن قبوله.
وفيه : مع أنّه لا يتمّ في صورة إبهام الواسطة إنّما يدلّ على كون الواسطة عادلا أو موثوقا بصدقه ، وهو توثيق لمجهول العين ، فلعلّ له جارحا والأولى بناء على ما مرّ تحقيقه ، منع كون ذلك إسنادا حقيقيّا ، بل لعلّه يريد الإسناد الظنّي الحاصل بمجرّد إخبار المسلم.
ويمكن دفعه : بأنّ الظاهر أنّ العدل يعتبر ظنّا (١) فوق ذلك الظنّ (٢) بصدوره
__________________
(١) في مقام الاستدلال.
(٢) الضعيف الذي حصل من مجرّد خبر المسلم.