فهم عليهمالسلام يكلّمون أصحابهم بقدر فهمهم لا إنّهم يتكلّمون على معيار خاصّ يكون هو المرجع والمعوّل حتّى يعتبر في نقله للآخر ذلك المقدار ، بل الناقل للغير أيضا لا بدّ أن يلاحظ مقدار فهم مخاطبه لا كلّ مخاطب ، وهكذا ، فنقل المطلوب بعبارة أوجز إذا كان المخاطب ألمعيا فطنا ذكيّا ، لا مانع منه ، وكذلك نقله أبسط وأوضح إذا كان بليدا غبيّا.
وكيف كان ، فالحقّ جواز نقل الحديث بالمعنى مع الشّرائط المذكورة.
لنا : أنّ ذلك هو الطريقة المعهودة في العرف والعادة من لدن آدم عليهالسلام إلى زماننا هذا ، والشارع عليهالسلام أيضا بناؤه في المحاورات على طريقة العرف والعادة ، فإنّ المقصود في العرف والعادة ، هو إفهام المراد من دون اعتبار خصوصية لفظ وأنّه مرسل بلسان قومه (١) ، ومن ذلك نقل الرّاوي إلى العجميّ باللّسان العجميّة ، وكذا الناقل من المجتهد إلى أهله وعياله.
والأخبار الواردة عنهم عليهمالسلام منها : ما رواه محمّد بن مسلم في الصحيح قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : «أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص. قال : إن كنت تريد معانيه فلا بأس» (٢).
والظاهر أنّ المراد من الزيادة والنقصان ما لا مدخليّة له في تغيير المراد بقرينة جلالة شأن الرّاوي وجواب الإمام عليهالسلام.
وقوله عليهالسلام : إن كنت تريد معانيه ، يعني إن لم تقصد نسبة اللّفظ إلينا ، فإنّه كذب.
__________________
(١) قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ.) سورة إبراهيم ٤.
(٢) كما رواه محمد بن يعقوب في «أصول الكافي» ج ١ باب ١٧ رواية الكتب والحديث ح ٣.