ولا يخفى أنّ أفراد العامّ كلّها من مدلولات العامّ وكذلك لوازم المفهوم ، فيصدق أنّ الكلّ معاني اللّفظ ، فإذا أراد أن ينقل عن الإمام عليهالسلام أنّه قال : اتّقوا الله ، مثلا ، فيقول : قال الإمام عليهالسلام : خافوا من الله واجتنبوا عمّا نهاكم الله عنه من الشّرك والفسق وشرب الخمر والزّنا ، إلى غير ذلك ، وواظبوا على ما أوجبه عليكم من إقامة الصلاة وإيتاء الزّكاة ونحو ذلك ، فيصدق على ذلك أنّه نقل لمعاني كلام الإمام عليهالسلام ، بل وكذلك أيضا لو كان ممّا دلّ عليه بالإشارة أيضا : مع إشكال فيه لحصول الغفلة ووجود الثمرة بين الخطابات الأصليّة والتبعيّة كما أشرنا سابقا.
ويدلّ على المختار (١) أيضا : أنّه تعالى قصّ القصّة الواحدة بعبارات مختلفة ، ومن المعلوم أنّها وقعت بغير العربيّة أو بعبارة واحدة منها ، بل يمكن أن يقال : لم يقع بإحدى تلك العبارات ، لأنّ هذا الكلام على هذا الطّور الغريب والأسلوب العجيب ، منحصر في القرآن الذي هو منزل على سبيل الإعجاز ، فتأمّل.
ويظهر جواز ذلك لمن تتبّع الآثار والأخبار ، فإنّ تتبّعها يفيد أنّ ذلك كان طريقة أصحاب النبيّ وآله صلوات الله عليهم أجمعين.
واحتجّ المنكر : بأنّ ذلك يوجب اختلال المقصود واستحالة المعنى ، سيّما مع كثرة الطبقات وتطاول الأزمنة وتغيير كلّ منهم اللّفظ لاختلاف أهل اللّسان ، بل العلماء في فهم الألفاظ واستنباط المقصود.
وفيه : أنّ بعد ما ذكرنا من الشروط (٢) ، لا وقع لهذا الاحتجاج ، سيّما وذلك
__________________
(١) وهو جواز النقل بالمعنى.
(٢) الشروط تصبح كفيلة بمراعاتها لعدم الاختلال بالمقصود واستحالة المعنى رغم كثرة الطبقات وتطاول الأزمنة.