افعل ، حقيقة في الوجوب لا يقتضي كون مفهوم الأمر كذلك. وكذلك لا يقتضي كون مفهوم الأمر معتبرا فيه الإيجاب ، كون صيغة : افعل ، حقيقة في الوجوب ، فهكذا ما نحن فيه. ونظير ذلك أيضا أنّ كون الهيئة الاستثنائية حقيقة في المنقطع ؛ لا يقتضي كون الاستثناء حقيقة فيه ؛ ليرد أنّه ليس بإخراج ما لولاه لدخل.
احتجّ القائل بأنّه حقيقة إن خصّ بغير مستقلّ : بأنّ لفظ العامّ حال انضمام المخصّص المتّصل ، ليس مفيدا للبعض ، أعني ما عدا المخرج بالمخصّص ، لأنّه لو كان كذلك لما بقي شيء يفيده المخصّص ، فلا يكون مجازا في البعض ، بل المجموع منه ومن المتّصل يفيد البعض حقيقة.
وفيه : أنّه إن أراد عدم إفادته البعض بخصوصه بحسب الوضع ، فلا كلام لنا فيه. وإن أراد أنّه لا يفيد البعض بحسب إرادة اللّافظ فهو ممنوع ، غاية الأمر عدم الإفادة من حيث هو. وأمّا مع انضمام المخصّص ، فلا ريب في إفادته ذلك كما هو المدار في المجازات ، وأمّا المخصّص فهو يدلّ على إخراج البعض الآخر أيضا.
وأيضا (١) يرجع هذا الكلام الى اختيار مذهب القاضي في رفع التناقض عن الهيئة الاستثنائية ، ولفظ العامّ حينئذ إمّا حقيقة في معناه (٢) والنسبة الى الباقي وقع بعد الإخراج ، وإمّا أنّه ليس بحقيقة ولا مجاز إن قلنا بالوضع الجديد ، وقد عرفت بطلانهما سابقا.
واستدلّ أيضا (٣) : بأنّه لو كان التقييد بما لا يستقلّ موجبا للتجوّز في نحو :
__________________
(١) وهذا أيضا ردّ آخر.
(٢) كما هو القول الأوّل بناء على عدم وضع جديد طارئ على المركب من حيث هو مركب.
(٣) على أنّه حقيقة إن خصّ بغير مستقل ، وقد ذكره في «المعالم» : ص ٢٧٩.