وعلّل الشهيد (١) كونه (٢) أعلى بأنّ الشيخ أعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته ، ولأنّه خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله وسفيره إلى أمّته والأخذ عنه كالأخذ منه ، ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أخبر الناس أوّلا وأسمعهم ما جاء به ، والتقرير على ما جرى بحضرته صلىاللهعليهوآله أولى ، ولأنّ السّامع أربط جأشا وأوعى قلبا ، وشغل القلب وتوزّع الفكر إلى القارئ أسرع.
وفي صحيحة عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : «يجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى. قال : فاقرأ عليهم من أوّله حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثا» (٣). فعدوله إلى قراءة هذه الأحاديث مع العجز يدلّ على أولويته (٤) من قراءة الرّاوي وإلّا أمر (لأمر) بها ، انتهى (٥).
وفي دلالة الصحيحة على مدّعاه تأمّل ظاهر.
ثمّ دونه القراءة على الشيخ مع إقراره به وتصريحه بالاعتراف بمضمونه ويسمّى ذلك عرضا ، والظاهر أن يكون السّكوت مع توجّهه إليه وعدم مانع عن المنع والردّ من غفلة أو إكراه أو خوف ، وانضمام القرائن بالرّضا كافيا ، وعبارته : قرأت على فلان وأقرّ به واعترف ، أو : حدّثنا ، أو : أخبرنا فلان قراءة عليه ، وبدون قوله قراءة عليه ، عند جماعة.
والحقّ المنع إذا لم يقم قرينة على إرادة ذلك ، فإنّ ظاهره سماعه من الشيخ ،
__________________
(١) راجع «الرعاية» ص ١٤٨.
(٢) اي السماع.
(٣) «الكافي» ـ الأصول ـ ١ / ٥٢ كتاب العلم باب ١٧ ح ٥.
(٤) يعني السماع.
(٥) الشهيد في «الرعاية».