ثمّ إنّ بعض أفاضل المتأخرين (١) خبط خبطا عظيما ، وتبعه بعض أفاضل من تأخّر عنه (٢) ، وهو أنّه منع عن لزوم تحصيل القطع والظنّ كليهما في طلب المعارض في جميع الأدلّة سواء كان العامّ أو غيره ، واستدلّ على ذلك بوجوه :
الأوّل :
انّ أحدا من المنازعين والمباحثين في المسائل من أصحاب الأئمة والتابعين لم يطلب في المسألة التوقّف من صاحبه حتى يبحث وينقّب عن المعارض والمخصّص ، بل سكت أو تلقّى بالقبول ، وإلّا لنقل إلينا فصار إجماعا على عدم البحث عن المخصّص والمعارض.
وزاد بعضهم (٣) على ذلك أيضا وقال : وأيضا الأصول الأربع مائة لم تكن موجودة عند أكثر أصحاب الأئمة عليهمالسلام ، بل كان عند بعضهم واحد وعند الآخر اثنان أو الثلاثة وهكذا ، والأئمّة عليهمالسلام كانوا يعلمون بأنّ كلّا منهم يعمل في الأغلب بما عنده ولا يتمّ البحث عن المخصّص إلّا بتحصيل جميعها ، فلو كان واجبا لأمرهم الأئمة عليهمالسلام بتحصيل الكلّ ، ونهوهم عن العمل ببعضها.
والجواب عن الأوّل : بعد تسليم هذه الدّعوى يظهر ممّا مرّ ، من التفاوت الظّاهر بين زماننا وزمان الأئمة عليهمالسلام. وهذا الكلام يجري في خطاب الأئمة عليهمالسلام مع أصحابهم أيضا ، حيث لم يسأل الأصحاب عنهم عليهمالسلام عن المخصّص ، وقرّروهم على معتقدهم من العموم.
__________________
(١) وهو المدقّق الشيرواني.
(٢) وهو السيد صدر الدّين في «شرح الوافية» كما عن الحاشية.
(٣) وهو الفاضل التوني في «الوافية» : ص ١٣٠.