ونزيد توضيحا ونقول : إنّ الاستدلال بالعموم غالبا ليس في جميع الأفراد ، وكذلك خطاب الأئمّة عليهمالسلام بالنسبة الى أصحابهم ، فإنّه قد يكون الحاضر في ذهن الأصحاب هو طائفة من أفراد العامّ المطابق لخطاب الإمام عليهالسلام وكان ذلك موضع حاجته وبيّن الخصوص في موضع آخر.
وكذلك المنازعين والمباحثين كان نزاعهم في طائفة من أفراد العامّ وكانوا غافلين عن العامّ ، فباستدلال صاحبه بذلك ، كان يسكت ، وذلك لا ينافي تخصيص العامّ بالنسبة الى غير تلك الأفراد ، إذ العام المخصّص حجّة في الباقي كما مرّ تحقيقه.
فمرادنا من قولنا : إنّه يجب في العمل بالعامّ البحث عن المخصّص ، العمل به في جميع الأفراد.
ويندفع الإشكال الطارئ من جهة شيوع التّخصيص وغلبته بالتفحّص عن المخصّص في الجملة ، فإذا ظهر وجود مخصّص ما ، فلا دليل على وجوب التفحّص أزيد من ذلك لا ظنّا ولا قطعا ، لأصالة الحقيقة إلّا مع احتمال وجود مخصّص آخر راجح على عدمه بالخصوص ، وليس ذلك من باب أصل التخصيص الرّاجح بسبب الغلبة ، بل من جهة مطلق وجود المعارض للدليل ، فافهم ذلك وتأمّل حتّى يتحقّق لك أنّ دعوى مثل ذلك الإجماع (١) لا أصل لها ولا حقيقة ، مع أنّه ورد في الأخبار ما يدلّ على ذلك (٢) مثل رواية سليم بن قيس الهلالي في «الكافي» عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام حيث أجاب عن اختلاف أصحاب رسول
__________________
(١) ذلك الاجماع المدعى على عدم وجوب الفحص.
(٢) أي على وجوب الفحص عن المعارض.