المستدلّ النقض بمجمل خبر العدل.
فإن قيل : إنّ المجمل خرج بالاتّفاق وبحكم العقل ، للزوم التحكّم من حمل الكلام على بعض المحتملات ولا اتّفاق هنا ، فلا يحكم العقل بعدم جواز ترجيح العموم لوجود المرجّح من تبادر العموم لأصالة الحقيقة.
وأيضا القول بكون العامّ مثل المجمل رجوع عن القول بكون ألفاظ العامّ حقيقة في العموم.
قلنا : حصول الإجمال من جهة تساوي احتمال إرادة الخصوص لأصالة الحقيقة ، لا ينافي القول بكونها حقيقة في العموم كما في المجاز المشهور عند من يتساوى عنده احتماله مع الحقيقة ، والتبادر الحاصل في المجاز المشهور للمعنى الحقيقي كما أنّه بعد قطع النظر عن الشهرة ، فكذلك المسلّم من التبادر هنا هو بعد قطع النظر عن شيوع غلبة التّخصيص ، مع أنّ هنا فرقا آخر ، وهو أنّ العامّ بعد ثبوت التّخصيص في الجملة يكون ظاهرا في الباقي كما مرّ ، بخلاف المجمل والمشترك.
ولئن سلّمنا إطلاق الآية حتّى بالنسبة الى الدّلالة فنقول : إنّ ما ذكرناها من الأدلّة على المختار (١) يقيّدها ، وإلّا فلا ريب أنّه يصدق على كلّ من خبري
__________________
ـ الغشوة مجازا ، وأنّه هل أراد من زيد نفسه او ابنه أو غلامه ، فالآية لا تدل على عدم الفحص عن ذلك ، لأنّ عدم الفحص عن الخبر فرع معرفة انّ الخبر ما هو ونحن الآن في مقام تشخيص الخبر أنّه هل هو موت زيد أو غشوته. وبالجملة الآية تدل على ترك فحص الخبر ، ومن المعلوم انّه بعد تشخيص موضوع الخبر لا دلالة فيها على تعيين نفس الخبر ، نعم يصح الاستدلال بها في نفي المعارض السّندي وسيجيء في محلّه إن شاء الله تعالى.
(١) وهو وجوب الفحص.