وهذان القولان (١) متوافقان لقول أبي حنيفة في الحكم (٢) وإن تخالفا في المأخذ ، لأنّ الاستثناء يرجع على القولين الى الأخيرة فيثبت حكمه فيها ولا يثبت في غيرها كقول أبي حنيفة. لكن هؤلاء (٣) لعدم ظهور تناولها (٤) ، وأبو حنيفة لظهور عدم تناولها ، هكذا قرّره العضدي وجماعة من الأصوليّين ، وليس مرادهم محض الموافقة في تخصيص الأخيرة. فإنّ قول الشافعي أيضا موافق له في ذلك ، ولا أنّ غير الأخيرة باق على العموم على القولين محمول على ظاهرها ليتّحدا في تمام الحكم مع قول الحنفيّة لينافي التوقّف والاشتراك ، بل مرادهم بيان موافقة القولين لقول أبي حنيفة من جهة لزوم تخصيص الأخيرة (٥) وعدم تخصيص غيرها ، وعدم التخصيص أعمّ من القول بالعموم ، فعدم تخصيص الغير عند أبي حنيفة بحمله على العموم ، والعمل على ظاهر اللّفظ ، ومأخذه الحمل على أصل الحقيقة ، وعندهما بالتوقّف في التخصيص وعدمه بسبب عدم معرفة الحال ، ومأخذه إمّا تصادم الأدلّة أو الإجمال الناشئ عن الاشتراك ، فيظهر ثمرة
__________________
(١) قال في الحاشية : يعني مذهب الوقف ومذهب الاشتراك موافقان لمذهب الحنفيّة في الحكم وهو أنّه إنّما يفيد الإخراج عن مضمون الجملة الأخيرة دون غيرها ، لكن عندهما لعدم الدليل في الغير وعندهم لدليل العدم ، وهذا معنى اختلاف المأخذ هكذا قرّره التفتازاني.
(٢) وهو الحكم بتعليق الاستثناء على الأخير والحكم في البواقي على العموم.
(٣) القائلون بالقولين.
(٤) للاستثناء.
(٥) وقد ردّ صاحب «الفصول» : ص ٢٠٢ هذا الرأي وثمرة الخلاف الآتية بعد أن صرّح بتوهّم قائله.