الخلاف إنّما هو في الهيئة التركيبيّة من الاستثناء المتعقّب للجمل (١) ، كما يظهر من ملاحظة أدلّتهم أيضا كما سيجيء.
فالقول باشتراك تلك الهيئة بين الرّجوع الى الأخيرة فقط ، والرّجوع الى الجميع ، معناه (٢) أنّ تلك الهيئة حقيقة في كلّ واحد منهما ، ومقتضى كونه حقيقة في الرّجوع الى الجميع ، أنّ العموم لم يبق على حاله في واحد منها ، ومقتضى كونه (٣) حقيقة في الرّجوع الى الأخيرة بقاء العموم على حاله في غيرها ، والمفروض أنّ الأمر مردّد حينئذ بين أنّ المراد من اللّفظ هل هو العمومات المخصّصة ، باحتمال إرادة المعنى الأوّل من معنيي المشترك ، أو العمومات الغير المخصّصة ، باحتمال إرادة المعنى الثاني.
والشّك (٤) في أنّ المراد من ذلك اللّفظ هل هو العامّ المخصّص أم العامّ الغير المخصّص ، غير الشكّ في أنّ العام هل خصّ أم لا ، فيجري فيه أصالة عدم التخصيص. وليس ذلك من قبيل العامّ الذي لم يظهر له مخصّص بعد الفحص والبحث حتّى يقال أنّ له صيغة خاصّة دالة على معنى ولم يوجد له معارض ، فكون العامّ مخصّصا أو غير مخصّص (٥) جزء مدلول اللّفظ فيما نحن فيه.
__________________
(١) وتعرّض في «الفصول» : ص ٢٠٢ إلى هذا الكلام.
(٢) راجع «الفصول» أيضا ص ٢٠٢.
(٣) إنّ الضمير في كونه وفيما عطف عليه أيضا يرجع الى الهيئة ، وتذكيره باعتبار تعبير اللّفظ منها ، ويدلّ على ما ذكرنا قوله بعد ذلك : إنّ المراد من اللّفظ هل هو العمومات المخصّصة ... الخ.
(٤) وقد تعرّض صاحب «الفصول» : ص ٢٠٢ لهذه الأقوال.
(٥) هذا أيضا بيان الى وجه الفرق بين المقامين.