يُرْجَعُونَ ) (١).
وهاتان الآيتان الواردتان قبل هذه الآية تكشفان عن أنّه ما كان يرجى إيمان المعترضين وإذعانهم ، ولأجل ذلك يخاطب سبحانه نبيه : بأنّك إن قدرت وتهيأ لك أن تتخذ طريقاً إلى جوف الأرض أو سلّماً في السماء فتأتيهم بآية ، فافعل ذلك لكنهم لا يؤمنون لك (٢).
ثم يضيف سبحانه ويشبههم بالموتى ويقول : ( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللهُ ) مريداً أنّ هؤلاء لا يصغون إليك فهم بمنزلة الموتى ، فكل إنسان عاقل ، آيس من أن يسمع الموتى ، كلامه فهؤلاء بمنزلتهم لا يستجيبون لك ، ومعنى الآية : انّما يستجيب المؤمن السامع للحق فأمّا الكافر فهو بمنزلة الميت ، فلا يجيب إلى أن يبعثه الله تعالى يوم القيامة ليلجئه إلى الإيمان.
أضف إلى ذلك أنّه يحتمل أن يكون مقترحهم أحد أمرين :
الأوّل : أن يكون مقترحهم نزول الملك عليهم ، كما يحكي عنهم سبحانه في تلك السورة ويقول : ( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَا يَلْبِسُونَ ) (٣).
إنّ نزول الملك يمكن أن يتم بإحدى صورتين :
١. نزول الملك بصورته الواقعية ، ومن المعلوم انّ رؤية الملك بهذا الشكل متوقفة على توفر شرائط في الناظر ، وهم كانوا فاقدين لها ، ومن الممكن جداً أن تستلزم تلك الرؤية القضاء عليهم بالموت كما قال سبحانه : ( وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ ).
__________________
(١) الأنعام : ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) هذا جواب الجملة الشرطية الواردة في الآية ، حذف لمعلوميته.
(٣) الأنعام : ٨ ـ ٩.