التدبير غير قادر على إنزال الآية المعجزة ، فعند ذلك أجاب القرآن رداً على زعمهم : ( قُلْ إِنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ).
ولذلك حقر السائلون إلٰه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بقولهم : ( لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ ) ولم يقولوا من ربّنا ، أو من الله ، فهذا الازدراء أكبر دليل على أنّهم كانوا يعتقدون أنّ الإله الذي يدعو إليه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلممسلوب القدرة عندهم ، فعندئذ صح أن يجاب بجملة : ( قُلْ إِنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ).
ومن الممكن أن يكون المشركون متأثرين بعقيدة اليهود الذين قالوا : ( يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ) (١) وانّه سبحانه غير قادر على تغيير الكون وخرق العادة ، ولأجل ذلك يجيب سبحانه أنّ الله قادر على أن ينزل آية.
ثم إنّ لصاحب المنار كلاماً في تفسير الآية يشير إلى بعض ما ذكرناه ، فلاحظ (٢).
الآية الرابعة
قال سبحانه : ( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَىٰ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ ) (٣).
استدل بعض الكتاب المسيحيين بهذه الآية على أمرين :
الأوّل : انّه سبحانه يعاتب بهذه الآية نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنّ مكانته عند المسلمين فوق العتاب.
__________________
(١) المائدة : ٦٤.
(٢) تفسير المنار : ٨ / ٣٨٧.
(٣) الأنعام : ٣٥.