الثاني : أنّ الآية تشهد على أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان حزيناً لعدم إعطائه أيّة معجزة له موجبة لإيمان قومه. وهذا يضاد ما عليه المسلمون من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان صاحب معجزات وكرامات غير القرآن.
ولكنّ الاستنتاجين باطلان جداً ، وقد نبعا من عناد الكاتب للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وبغضه له ، وليست في الآية أيّة دلالة عليهما.
أمّا الأمر الأوّل : فلأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يهتم بإيمان قومه وهدايتهم ، وتدلّ على ذلك آيات في الكتاب العزيز :
١. ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (١).
٢. ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) (٢).
٣. ( إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِن نَاصِرِينَ ) (٣).
وهذه الآيات تكشف عن حرص النبي على هداية قومه ، ولكن القوم كانوا في منأى عن قبول دعوته ، بسبب عنادهم ولجاجهم.
فالآية بصدد تهدئة خاطره صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ إصراره على هدايتهم غير مجد لأنّهم موتى والموتى لا يسمعون شيئاً ، ولأجل ذلك قال سبحانه بعد هذه الآية : ( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) (٤). فانّهم بمنزلة الموتى لا شعور لهم ولا سمع حتى يتأثروا بالدعوة الإلهية ويسمعوا نداء النبي لهم ،
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) يوسف : ١٠٣.
(٣) النحل : ٣٧.
(٤) الأنعام : ٣٦.