الآية السابعة
قوله سبحانه : ( وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الغَيْبُ للهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ المُنتَظِرِينَ ) (١).
وهذه الآية تشعر بأنّ القوم طلبوا من النبي آية معجزة غير القرآن ، ولكن النبي أجابهم مكان الإتيان بها بقوله : ( فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ المُنتَظِرِينَ ).
غير أنّ الآية على خلاف مقصود المستدل أدل ، فإنّ النبي لم يرد طلبتهم ، بل إنّما أمرهم بالصبر والانتظار ، وقد جاءت في الآية السادسة والأربعين من نفس السورة أنّه سبحانه وعد نبيّه بأنّه سوف يريه بعض ما يعدهم من المعجزات قال سبحانه : ( وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ ).
وعلى ذلك فلم يرد النبي طلبهم إنّما أمرهم بالصبر ، ووجه ذلك : أنّهم إنّما طلبوا معجزة أُخرى غير القرآن تحقيراً لشأنه واستخفافاً به لعدم عدّه آية إلهية ، ولأجل ذلك أمر نبيَّه بأن يقول لهم : ( فَقُلْ إِنَّمَا الغَيْبُ للهِ ) وإنّ الآيات المعجزة بيد الله سبحانه وليست بيدي ( فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ المُنتَظِرِينَ ).
وهذه الآية تفيد أنّ النبي كان ينتظر آية معجزة فاصلة بين الحق والباطل غير القرآن قاضية بينه وبين أُمّته ، وأنّه سبحانه وعده بأنّه ربّما يريه بعض ما يعده كما مرت الآية.
قال في الكشاف : أرادوا آية من الآيات التي كانوا يقترحونها وكانوا لا يعتدون بما أنزل عليه من الآيات العظام التي لم ينزل على أحد من الأنبياء مثلها ، وكفى بالقرآن وحده آية باقية على وجه الدهر بديعة غريبة في الآيات دقيقة
__________________
(١) يونس : ٢٠.