الآية الثامنة
قوله سبحانه : ( وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَبِّي هَٰذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (١).
المراد من الآية هو الآية القرآنية لا الآية المعجزة غير القرآن التي هي محور البحث ، والمقصود من الاجتباء هو الجمع ، وعلى ذلك فالآية خارجة عمّا نحن بصدده.
غير أنّ مفاد الآية هو الرد على كلامهم الجاري مجرى التهكّم والسخرية ، حيث إنّهم قالوا في حق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عندما كان الوحي يتأخر عليه لمصالح ـ : ( لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا ) أي لولا اجتبيت ما تسمّيه آية من هنا وهناك فأتيت بها ، فأجابهم القرآن بأن يقول النبي لهم : ( إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَبِّي هَٰذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ).
ترى ماذا يفعل النبي بقوم إذا أتاهم بآية قرآنية قالوا : ائت بقرآن غير هذا أو بدله ، وإذا أبطأ عليه الوحي لمصالح قالوا : ( لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا ) فكل ذلك يدل على أنّ موقف القوم لم يكن موقف الاهتداء وتحري الحقيقة.
الآية التاسعة
قوله سبحانه : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَن لا إِلَٰهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُسْلِمُونَ ) (٢).
__________________
(١) الأعراف : ٢٠٣.
(٢) هود : ١٢ ـ ١٤.