الأنبياء والمرسلين وعباده الصالحين ، وكثير من عباده المؤمنين لأنّه وإن كانت الشفاعة كلّها لله كما قال : ( قُل للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً ) (١) إلاّ أنّه تعالى يجوز أن يتفضّل بها على من اجتباهم من خلقه واصطفاهم من عباده ، وكما يجوز أن يعطي من ملكه ما شاء لمن شاء ، ولا حرج.
ثم أخذ يستدل على الشفاعة بالآيات والروايات والأشعار المأثورة عن الصحابة (٢).
٣٢. قال المحقّق الكبير السيد أبو القاسم الخوئي : يستفاد من القرآن الكريم أنّ الله تعالى قد أذن لبعض عباده بالشفاعة إلاّ أنّه لم ينوّه بذكرهم عدا الرسول الأكرم فقد قال الله تعالى : ( لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْداً ) ـ إلى أن قال ـ : والروايات الواردة عن النبي الأكرم وعن أوصيائه الكرام في هذا الموضوع متواترة (٣).
هذا نزر من كثير ، وغيض من فيض ، أتينا به ليكون القارئ على بصيرة من موقف علماء الإسلام ـ من الفريقين ـ من هذه المسألة الهامة ، وهي نصوص وتصريحات لا تترك ريباً لمرتاب ولا شكاً لأحد ، غير انّ لبعض الكتّاب المصريين الذين تأثّروا بالموجة الوهابية (٤) التي وصلت إليهم في أوائل القرن الرابع عشر وقد دعمتها السياسات الحاكمة في ذلك الزمان ، موقفاً آخر يتنافى مع هذا الموقف الإسلامي العام وها نحن نأتي بنص كلامه.
٣٣. قال محمد فريد وجدي في دائرة معارفه : الشفاعة هي السؤال في
__________________
(١) الزمر : ٤٤.
(٢) التوسل والزيارة في الشريعة الإسلامية : ٢٠٦ ، ط. مصر.
(٣) البيان : ١ / ٣٤٢.
(٤) مع أنّ مؤسس الوهابية لا ينكر أصل الشفاعة وإنّما ينكر جواز طلبها من الشفيع ويقول : إنّه يجوز أن يقال : اللّهم شفّع رسول الله في حقي ، ولا يجوز أن يقال : اشفع يا رسول الله في حقي ، وللبحث مع هؤلاء في هذا الموضوع مقام آخر.