بالجواب المشار إليه أوّلاً .. رغم أنّ القضيّة بأكملها مفهومة لكليهما ، ثم كيف لثلّة غُربلت وصُفّيت ثم غربلت وصفّيت ولم يبق منها إلاّ السبعون أو أكثر قليلاً ، أن تكون نواياها على غير نيّة الحسين (عليه السلام) ، ولاسيّما أنّها ليلة المصير والوداع ، ولم يبق سوى سواد تلك الليلة ليكونوا قبال ثلاثين ألفاً بحوزتهم كلّ الإمكانيّات العسكريّة والتقنية آنذاك؟!
وهل حقاً كان اختبار الحسين (عليه السلام) لأنصاره خلال تلك الأيّام القلائل فقط التي كانوا معه (عليه السلام) ليأتي تصريحه : «والله ، لقد بلوتهم ...» أم أنّه اختبار شهور وسنوات ، أو اختبار ناشئ من الحسّ بنور الله والتعقّل بنور الله؟! ولا نرى أنّ زينب (عليها السلام) فاقدة لهما وهي التي لها وفيها من الصفات ما لا ينكرها عليها أحد ... ماذا يمكن قوله هنا؟
لا شكّ أنّ الحسين (عليه السلام) كان يعلم ماهيّة نيّات أصحابه وزينب (عليها السلام) تعلم كذلك ، بل الأصحاب يعلمون فيمَ وإلى أين هم قاصدون وأنّ اليقين بالحسين (عليه السلام) لا يرقى إليه سواه.
ولستُ مقيِّداً البحث بالذي حصل بين الحسين وزينب (عليهما السلام) ، إنّما هي مفردة مصداقيّة لطبيعة ثقافة وعقيدة حاكمة على التفكير الإسلامي والشيعي على وجه الخصوص ، والديني اللاهوتي على وجه العموم ، تتّخذ من الغيبيّات والعلم بها مكوّناً أساسيّاً في بناء وجودها ومناهجها وأنساقها وعملها الخارجي ، ممّا يلزم نتائج وآثار ذات سنخيّة ونوعيّة متجانسة معها.