إنّه (عليه السلام) يعلم وهي (عليها السلام) تعلم والأصحاب رضوان الله تعالى عليهم يعلمون ، فلِمَ كلّ هذا الحوار والسؤال والجواب وردّ الفعل؟
نقول : إنّ للعقلانيّين نهجاً كما هو للاّهوتيّين نهجاً .. نعني بذلك نوعيّة الانتماء العقلاني والانتماء اللاهوتي ، وإلاّ قد نجد من اللاّهوتيّين من يجعل العقلانيّة في صلب قوانينه واستدلالاته ; نظراً لطبيعة الحاجة الزمكانيّة ، بل لاندكاك العقلانيّة في التصوّرات والتصديقات اللاّهوتيّة اندكاكاً حقيقيّاً ناشئاً من شموليّة وإحاطة النظريّة الغيبيّة.
نعم ، إنّما التفاوت في التلقّي والفهم والقبول ، فالعقلاني استفهامي حسّي بطبيعة الانتماء النوعي ، لا يكاد يشبع بالنقل والغيب ونظائرهما ، إنّه يستجيب لوجود الحجّة (١) ـ مثلاً ـ من خلال الإثباتات العلميّة التي تذهب إلى إمكانيّة بقاء الإنسان حيّاً لمئات السنين إن حافظ على سلسلة شروط وقضايا تختصّ بالخلايا والأنسجة ... وهناك من المعمّرين من عاشوا سابقاً مئات بل ولأكثر من ألف عام بفعل الحفاظ على الشروط والقضايا المختصّة بالاُمور الفسلجية والبايلوجيّة ...
وهذا العقلاني يرى في حواريّة الحسين وزينب (عليهما السلام) نظاماً وإدارةً ونهجاً وفكراً قياديّاً ، لا أكثر.
واللاهوتي يرى في الحواريّة أكثر من ذلك ، فهي عنده تَجَلٍّ شامخ لانكشاف الحقائق ، بل خضوع الحقائق إزاء الرؤية الفاعلة بنور الله تبارك وتعالى ، الرؤية التي تترشّح علماً ومعرفةً وإزاحةً للحجب والأستار ، وإلاّ