إنّها مجرّد كلمات قصار تشكّلت منها حواريّة الأخوين فصارت نهجاً ونسقاً ونظاماً متكيّفاً متسامياً فوق الأنا والانتماءات الضيّقة .. كلمات قصار فتحت أبواباً من التدبّر والتأمّل والتفكّر.
نحن نستطيع أيضاً إن امتلكنا العزم والحزم والإرادة أن نقلب موازين القوى والمعادلات القائمة ، وليس فرانسيس بيكون فقط يستطيع ، هذا الذي أسّس لنهضة صناعيّة من خلال بعض فصول جمعها بعنوان «الاُورجانون الجديد». فمن خلال حواريّة واحدة لم تتجاوز بمحتواها السطرين والثلاث يمكننا العمل على تأسيس نظام متناسق رشيق متشامخ يقوم على الاُسس والمعايير العلميّة الصحيحة ، فكيف بنا ونحن نتملك قرآناً وموسوعات حديثيّة وبصائر لا تنفد معارفها؟!
إنّ أساسيّات التلقّي والفهم والممارسة لها الدور الحاسم في المقام ، وتُشكّل المفصل المصيري في استنهاض القيم والفكر صوب المقصود ، فإن كانت الأساسيّات مستندة إلى العزم الجوهري العمقي ستتناسب التلقّيات والأفهام والممارسات والمقاصد طردّياً معها ، والعكس بالعكس ، بل الترهّل والتواني عن العزم الجوهري العمقي يعني التسليم والخذلان حتى دون الوثبة واصطكاك الأسنّة ناهيك عن حدوثهما حقيقةً.
من هذا المنطلق يكوّن فهم النصّ عندنا حجر أساس الفكر والثقافة والمعرفة والأخلاق والسلوك وبناء النظم العقائديّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة ...