جعلوه منهج التبرير العلمي للتجريبيّة والاستقراء ، وعلى الوضعيّة المنطقيّة بكلّ جبروتها وتطرّف رائدها «فجنشتين» ..
نعم ، تربّعت نسبيّة «انشتين» وكوانتم «بلانك» ـ بدعم المقعد «ستيفن هوكنگ» الذي لا زال حيّاً إلى يومنا هذا ـ على عرش العلم ، ولا ندري كم سيدوم لهما هذا العرش في ظلّ ثوارت العلم التي لا تنقضي.
فلو كان فرانسيس بيكون ـ صاحب «الاُورجانون الجديد» الذي أزاح عالم الغيب من ذهنه تماماً وجعل الطبيعة إله الإنسان المطلق ـ حيّاً هذا اليوم ، هل تراه يصدّق ما وصل إليه العلم من حقائق ونتائج لا تقبل الشكّ والترديد ، حيث تجعل ـ على أدنى تقدير ـ فروض الميتافيزيقيا فروضاً خصبة ، بل هل يصدّق أن عاد الدين يأخذ موقعه القويّ في قلب عالم النهضة الحديثة بكلّ ألق وشموخ وبهاء؟!
إنّهم بهذا النحو وبالمناهج التي اعتمدوها مرحلةً تلو اُخرى ، بلغوا ما بلغوا. ومن الطبيعي أنّنا نمتلك رؤية وموقف حيال ما بلغوه ، نوافقهم في الكثير ونختلف معهم في الكثير ، ولا شكّ أنّهم متغطرسون فخورون بما عندهم ، والأشدّ في غطرستهم أنّهم صوّروا المعرفة والوعي التاريخي بشكل مشوّه ; إذ أنكروا علينا إسهاماتنا الكبيرة في مراحل التطوّر المتعاقبة ، علينا نحن كعرب وفرس وترك ... أو كمسلمين عموماً ، وقالوا : إنّ المعرفة بدأت ونهضت وشمخت بنا.
إنّ وجود «الآخر» المناوئ والمعارض والمخالف والعدوّ قد