تتحكّم بمصير البشريّة نوعاً ، ولاسيّما بعد الانحسار الكبير الذي أصاب التجريبيّة المادّيّة ـ المشار إليه خاطفاً ـ فماذا علينا نحن المسلمين فعله وما هي الوظائف والمسؤوليّات الواجب تحمّلها؟ ذلك من أجل التعامل مع «الآخر» الذي لا يستهويه انتشارنا وازدهارنا ، بل وجودنا .. من أجل العمل بقيمنا ومبادئنا واُصولنا وثوابتنا ونحن اُمّة رسالتها هي خاتمة الرسالات ونبيّها هو خاتم الأنبياء وكتابها هو مكمّل الكتب السماويّة السالفة؟
علينا قبل كلّ شيء تحديد رؤيتنا إزاء «الرسالة» التي ندّعي اعتقادنا بها ، فهل نحن واثقون بها تمام الثقة أم لا؟ ولا أقصد بالثقة مفهومها السيكولوجي ، بل مفهومها العلمي المعرفي ، وهذا ما يعني أنّها ـ بتقديرنا ـ تجيب عن سؤال الحياة الكبير ، ناهيك عمّن سواه ، إجابةً تسمو فوق العوامل الزمكانيّة والعقلانيّة وكلّ التهديدات الفوريّة والمعلّقة .. ولا تتحصّل هذه الثقة إلاّ لمن فهم «الرسالة» فهماً علميّاً منهجيّاً شاملاً ، ممّا يجعله قادراً على الذبّ عنها والانتقال بها من مواقع الدفاع إلى مساحات الانتشار .. آنذاك نحصل على ثقة متبادلة ، ثقتنا بالرسالة وثقتنا بذواتنا ، والثانية تعني ـ بشكل ما ـ ثقة الرسالة بنا إذا تحقّق الفهم الصحيح لها ، المستند إلى المناهج العلميّة السليمة والأساليب العمليّة الناجعة.
إنّنا طالما عبّرنا ـ في أدبيّاتنا من خلال شتّى الأدوات والآليات ـ عن كامل ثقتنا وعميق اعتقادنا والتزامنا وتقديسنا للرسالة بكونها برنامج الحياة الوحيد الذي يوصل البشريّة إلى مراميها ويمنحها السعادة الدنيويّة