والاُخرويّة .. يبقى أنّنا هل نمتلك الثقة بذواتنا وهل تثق الرسالة بنا؟ وهذا يعني : انعدام الشكّ والترديد ووجود اليقين والاطمئنان المتبادل رغم عسر تحقّق الثاني ، أي ثقة الرسالة بنا وبأفهامنا والوسائل العمليّة المتّبعة في كيفيّة طرحها وبيانها بالنحو المطلوب ، بالاقتران مع توافر العزم والحزم والرغبة والشوق والاستقامة والاستمراريّة.
علينا الاعتراف بعدم بلوغنا رتبة ثقة الرسالة بنا ، بمعنى : أنّنا لازلنا بمنأىً عن الفهم الحقيقي للنصّ وما وراء النصّ ، لازالت تتخبّطنا كثرة الأفهام وتنوّع الاجتهادات التي تصل بعض الأحيان إلى حدّ التباين والتناقض ، ناهيك عن الإشكاليّة المحوريّة التي لم نستطع حلّها ومعالجتها وستبقى داءً مزمناً وعقدة كؤوداً مادمنا في ضعف وارتباك وحساب منافع ، إنّها الآفة التي ما فتئت تنهش فينا وتنخر بنا من الأعماق ... نعم إنّها إشكاليّة البقاء على السطوح والعشعشة على القشور واستخدام العروض المسرحيّة والتمسّك بأوهام حالت بيننا وبين الحركة والنهوض والتجديد المرتكزة على الاُصول والثوابت وجوهر الرسالة.
ولا يمكننا القضاء على الإشكاليّة المذكورة دون اللجوء إلى المبادئ الحقيقيّة والقيم الواقعيّة عبر المناهج القمينة والأنساق العلميّة السليمة ، بدءاً بحركة العقل ، الذي يتحرّك طبق الضوابط والموازين المعرفيّة الواضحة ، إنّه يأخذ على عاتقه مسؤوليّة المراجعة والقراءة والمقارنة والاستقراء والبحث الحفري والمسح الشامل والاستنباط والاستنتاج.