وأنواعها التي يوفّرها الناس تبرّعاً وطواعيةً دون دعم حكومي ولا إسناد رسمي ، باستثناء الإجراءات الأمنيّة والتنظيميّة ـ لهي أفخم وأوسع وأروع تجمّع إنساني عالمي ، فلا موسم الحجّ وإمكانيّات السعوديّة المعروفة ، ولا احتفالات رأس السنة الميلاديّة ، ولا طقوس سائر البلدان والاُمم ، بإمكانها منافسة أو مقارنة حضورها وخدماتها الذاتيّة أو الحكوميّة بمراسيم الأربعين الحسيني ، والأهمّ من كلّ ذلك هذا الحبّ والعشق والولاء والحماس الفريد رغم الأخطار وتربّص الأعداء وتواصل سقوط الشهداء والجرحى إثر الهجمات والتفجيرات التكفيريّة الحاقدة الحاسدة ، بل وكلّما سقط شهيدٌ أو جريح تضاعف العزم وتكثّف الحضور ، وما ازدياد الأعداد الميليونيّة عاماً بعد آخر إلاّ إمضاءٌ لذلك ، ناهيك عن المناسبات الشيعيّة الاُخرى طيلة السنة والحضور الميليوني الفاعل فيها.
مع هذا الازدحام المنقطع النظير كيف يمكننا أداء مراسيم الزيارة والوصول إلى الضريح المقدّس لأبي الفضل العبّاس؟! آنذاك اقتُرِحَتْ فكرةُ الصعود إلى سطح الحرم الشريف والقيام بمراسيم الزيارة من هناك ، اقتراحٌ لاقى الترحيب ، وبالفعل كانت دقائق رائعة لا توصف ، فأنت ومن ذلك المكان الشاهق تجد وكأ نّك أقرب من غيرك إلى أبي الفضل (عليه السلام) ، وتزداد إحساساً بالقرب بلحاظ روحانية الفضاء وجمال المنظر ، كما وأنت بذلك الارتفاع حين تشاهد الجموع الهائلة بين الحرمين الشريفين ينتابك شعورٌ لا يوصف ، فهنا وعلى مسافة أمتار قبّة العبّاس (عليه السلام) ومنائره الذهبيّة وقبالك قبّة ومنائر الحسين (عليه السلام) الذهبيّة ، وما بينهما لوحة أخّاذة خطّتها