إن قيل : إنّ الصخر الأصمّ يتفسّر بفعل الضربات المتواصلة ، فكيف بمتانتنا وعقلانيّتنا وتماسكنا مقاومة هذا النوع من الضرب؟ ولاسيّما حين يعمّ الضرر الجميع وينفرط العقد وتختلّ التوازنات وتضطرب المعادلات وتزداد الاُمور سوءاً ووخامة؟
قلنا : لا نعني بالمتانة والعقلانيّة والتماسك : الاستسلام والضعف وقبول الإذلال والحطّ من الشأن والكرامة .. إنّما نعني بها ممارسة المناهج التي يقرّها الدين والأخلاق والإنسانيّة ، كلّ ظرف بحسبه.
ما نريد إيصاله من مفهوم : أنّ الاُمور يجب أن تكون مبنيّةً على معادلة يحكمها التوازن والنظم الناشئين من الفكر السليم والعقل الصحيح ، ولا شكّ أنّ ديمومة التوازن والنظم تابعة لمدى الالتزام والتقيّد ببنود ومضامين المبادئ الاعتقاديّة والشرعيّة المجمع عليها.
وتكمن أهمّيّة الأمر فيما لو أنّ مفروض القضيّة كيانات وتجمّعات ومحاور وأقطاب ورموز لها شأنها وثقلها المؤثّر الاستراتيجي ، فإن لم يستطع كلّ واحد منها إحكام منافذه وتنفيذ التزاماته ومواثيقه ، سواء في ذلك المقرّر منها تدويناً وتحريراً أو المتّفق عليها عرفيّاً وأخلاقيّاً وقيميّاً ، كانت النتائج هدّامةً كارثية.
وبالرغم من خطورة الموقع الذي تشغله هذه المعاقل المشار إليها والدور الذي تؤدّيه ، لكنّها كثيراً ما تغفل عن قضايا أو تتغافل عنها إهمالاً وغطرسةً وتعالياً ، أو لخطأ في الحسابات والتقديرات ، فتراها على الدوام