تتمخض أرقى النتاجات وأدقّ الآثار ، وهذا ما نلحظه بوضوح وجلاء في كلا الحوزتين ، حيث خرّجتا أساطين العلم والمعرفة من الفقهاء والمجتهدين والنخب الشامخة على مدى الحقب والأعوام ـ ولاسيّما حوزة النجف ذات الأكثر من ألف عام ـ ورفدتا المحافل الثقافية بروائع الكتب والمصنّفات.
وبإزاء ذلك ، لعب البعض الآخر دوراً هامّاً في ردم الهوّة وكسر الفجوة بين قطبي العلم والمعرفة ، بين النجف وقم ، الهوّة والفجوة اللتين صنعتهما الرؤى الغريبة المغرضة والأفكار الحاقدة الدخيلة على فضاء التشيّع وثقافته الحوارية.
ومن الذين يشار إليهم بالبنان في هذا الميدان السيّد جواد الشهرستاني ذي الستّين عام ، هذا الرجل ـ المعروف بحفظ التوازنات ، وفكره الخلاّق المؤسّساتي ومبناه الجذبي الاستقطابي وأدائه الإداري الاستثنائي وخلقه الرفيع الإنساني ـ كان يصرّ منذ البدء ـ وقبل أن يؤسّس مؤسّسته الشهيرة المعروفة بمؤسّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث سنة ١٩٨٤ م ـ على ضرورة التواصل بين حوزتي النجف وقم ، وقد لاقى جرّاء ذلك أشدّ الضغوط والمضايقات والافتراءات من القريب ناهيك عن البعيد ، لكنّه واصل العزم بجدّ وحزم ; لإيمانه الراسخ بكون كلا الحاضرتين إحديهما عمق الاُخرى ، إحديهما لا تستغني عن الاُخرى.
نعم ، لقد أينعت الثمار وحان وقت الحصاد ، فإذا بهذا الرجل قد غدا