بالشهرستاني لا غير ، فكلّ شيء في هذا الفضاء منوط بالشهرستاني ، فهو ملاك وميزان وضابط كلّ شيء ، إن فرح فرحوا وإن غضب غضبوا ، إن قبل قبلوا ، إن رفض رفضوا ، إن قال قالوا ، إن سكت سكتوا ... فهو مؤشّر القيم والمفاهيم والأخلاق ...!!
خلاصة الأمر : هنا حقيقة واحدة ، حقيقة الشهرستاني ، وكلّ مادونه هراء وفراغ ، فلو تصوّرنا هذا الفضاء والكيان بلا الشهرستاني ، اُنظره كيف يكون ، إنّه مجرّد أطلال خاوية ساكنة مقفرة موحشة. أليس الشهرستاني مَلِكاً وسلطاناً إذن؟! بل أكثر من ذلك فالملوك والسلاطين إذا ماتوا تبقى الحياة آخذةً سيرها ومجراها ، لكنّ الشهرستاني بفقده سيؤول كلّ شيء في هذا الفضاء والكيان إلى الاُفول والاضمحلال والدمار ...
يا لها من سلطة عجيبة ، يا لها من كاريزميّة رهيبة .. لكنّنا يجب الاعتراف والإقرار أنّ ثقافتنا وتاريخنا قد فرضا علينا ألاّ تستقيم الاُمور ولا تصلح الأوضاع إلاّ بحاكم قويّ مستبدّ مهيمن ـ وإن كان عادلاً فنورٌ على نور ـ على كلّ القضايا وجزئيّاتها ، فتشرئبّ له الأعناق ويطاع حدّ الصنميّة ، ومن هنا يظهر على مسرح الأحداث الحربائيّون والببغائيّون والمتزلّفون والمنافقون ... وتنمو مواهبهم وينشروا أساليبهم وأدواتهم التي بها يبلغون مقاصدهم ويحصلون على مرامهم ، وبإزاء ذلك تزداد النخب والرموز عزلةً وانزواءً ; حيث لا يمكن لها الانسجام مع فضاء كهذا الفضاء ، فالأمر يتطلّب نزولاً وتنازلات يصعب عليهم تنفيذها والقبول بها.